وسر ذلك السر نداء القهر إياها بنعت جذبهما إلى طلب الهوى ، وهو أخفى من سرها.
وأما سر القلب فهو حديثه الخفي الذي يصدر منه لطلب مزيد الصفاء من فيض الذكر ، وسر ذلك السر فرع الملك باب سره بنعت تحريكه إلى طلب مزيد الذكر وذلك إلهام خفي وأخفى من سر الأول.
وأما سر العقل فهو حديثه مع القلب والروح بما يبدو له من حقائق أحكام الربوبية في الشواهد ، وسر ذلك السر بحجة نور فعل الخاص التي هي داعية العقل إلى مشاهدة حقائق الأشياء ، وذلك السر أخفى من سر الأول.
وأما سر الروح ؛ فهو حديثها مع العقل بما يسمع من إلهام الخاص الإلهي لزيادة شوقها إلى معادنها ، وسر ذلك السر ما يبدو لسر الأول من برق سنا الصفة بنعت الكشف مع تعريف أمر العبودية والربوبية ، وذلك أخفى من سر الأول.
وأما سر السر ؛ فهو حديثه الخفي في بطنان غيب الخاطر في مشهد الملكوت مع الحق حيث يكون محتجبا عنه بنعت المتضرع لطلب مشاهدته ، وسر ذلك السر وقوع كلام الحق على مجاري الصفة له في الغيب وهو يسمع ولا يبصر ، وذلك أخفى من سر الأول.
وأما سر سر السر ما يكون وراء الحجاب فوق الملك والملكوت مشاهد الجبروت ومعاين الذات يرى عجائب أنواره وحقائق أسرار صفاته وذاته فيعرف منه به ويسمع منه بلا واسطة ، ويقول معه يطلب منه بلسان الافتقار مزيد قرب القرب ودنو الدنو حتى يقع في بحار الألوهية فلا يرى ولا يعرف فهو أسر الأسرار ، وأخفى الخفيات فالطبيعة لا تطلع على سر النفس ، والنفس لا تطلع على سر القلب ، والقلب لا يطلع على بعض سر العقل ، والعقل لا يطلع على بعض سر الروح ، والروح لا يطلع على سر السر والسر ، لا يطلع على سر سر السر ؛ لأنه مقام ما أخفي من السر ، ولا يطّلع على جميعها إلا الله سبحانه من الخلق والخليقة لا الملائكة لا المقربون ولا الأنبياء المرسلون إلا ما يكشف الحق لهم من ظاهر الأسرار قال تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦)) [الجن : ٢٦] إلا من ارتضى من رسول ، وباطن هذه الأسرار لا ينكشف لأحد غير الله ؛ لأنه مما استأثره لنفسه ولا يطلع عليه غيره وحاصل الحقيقة من معنى الاية أن السر ما في صفاته ، وما أخفى ما في ذاته.
قال الصبيحي : السرّ ما طالعه الحق ولا يطالعه الملك ولا الشيطان ولا يحس به النفس ولا يشاهده العقل ، وهو في الإضمار لم تحوه الهمم ، ولم تدبره الفطن ، وهي في لباب لب القالب من حقائق المحض من خطرات الإلهام كشرر النار الكامن في الشجر الرطب حتى تمثله الإرادة والمشيئة والأحكام ؛ فيتنقل في الأحوال ، فهذا هو السر ، وما هو أخفى فما لم تحس