يكتمونه جل الحق أن يخفي عليه خافية من عباده محال ، والله أعلم.
سورة الحج
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)) إن الله سبحانه نادى نداء الوعيد للناسين عهود الأزل ، ومشاهدة الأبد أي : أين أنتم أيها الغافلون عن بروز جلال عظمتي من حجاب الغيب في صحاري القيمة اتقوا عن عذاب فرقتي لكي تصلوا إلى جلال وصلتي ؛ فإن الأكوان والحدثان تزلزل عند ظهور أنوار كبريائي وسلطان بهائي فحقيقة التقوى الخروج مما دون الله بالله.
قال بعضهم : التقوى ألا يستغرقك شيء دون مولاك ، وهو الحرية ، وكل من طلب الجزاء لم يكن متقيا ، وإن كان وعد له عليه.
ثم وصف أهل شهود سطوات العظمة والكبرياء بالوله والهيمان والسكر والهيجان بقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) يولهون في رؤية العظمة وجلال الهيبة ، ويهيمون في أودية أنوار الكبرياء والسلطنة.
قال جعفر : أسكرهم ما شاهدوا من بساط العز وبساط الجبروت وسرادق الكبرياء حتى ألجأ النبيين إلى أن قالوا : نفسي نفسي.
وقال الأستاذ : فمنهم من سكره سكر الشراب ، ومنهم من سكره سكر المحاب ، وشتان بين سكر وسكر ، سكرهم سكر أهل الغفلة ، وسكرهم سكر أهل الوصلة ، وإن سألتني من سكر أصحاب الوقائع في كواشف القدوسية ، وبروز أنوار السبوحية في مشاهد القيمة فسكر الأعداء من رؤية القهريات ، وسكر الموافقين من رؤية بدائع الأفعال ، وسكر المريدين من لمعات الأنوار ، وسكر المحبين من كشوف الأسرار ، وسكر المشتاقين من ظهور سنا الصفات ، وسكر العاشقين من مكاشفة الذات ، وسكر المقربين من الهيبة والجلال ، وسكر العارفين من الدخول في حجال الوصال ، وسكر الموحدين من استغراقهم في بحار الأولية ، وسكر الأنبياء والمرسلين من اطلاعهم على أسرار سر الأزلية ، فبعض السكارى واله