سورة المؤمنون
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١))
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)) فاز بالله العارفون بمشاهدته عن حجبة الذين أجابوا الله من العدم بخطاب القدم ، وشاهدوا القدم بالقدم (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢)) هم الذين قاموا لله بالله بنعت الهيبة في مشاهدة عظمة الله في مقام المناجاة مع الله (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣)) عن لغو شياطين الإنس والجن وهو وهواجس النفوس ، وكل ما سرى ذكر حبيبهم ، (مُعْرِضُونَ) كان من طباع العارفين ألا يلتفتوا من حيث طبيعتهم إلى شيء يقتضي اللهو واللغو (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤)) باذلون الأرواح والأشباح لله وفي الله (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥)) ساترون عورات أسرارهم عن الأغيار (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) إلا على أهل القصة والنحلة (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧)) من أفشى سر الحق عنه غير أهله ؛ فقد تجاوز حد الله ؛ فيكون محجوبا عن الله بالله ، ومن لم يحافظ نفسه في حركات شهواتها ، فيسقط في هاوية الغفلة بغلبة الشهوة في قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨)) الروح والقلب والعقل والسر ، وما معهن من كشوف أحكام الغيب من الإيمان والبرهان والإيقان والعرفان أمانة الله الغيبة ، ومراعاتي بدفع الخطرات عنها ، ورياضة النفس عندها ؛ فهو من شعار أهل الله الذين عاهدوا الله في سماع خطابه حين قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ، وهم به يستقيمون في