قال الواسطي : من قال لا إله إلا الله على العادة فهو أحمق ، ومن قالها تعجبا فهو مصروف من الحق ، ومن قالها على الإخلاص فأشرك وطعنه ؛ لأنه بإياه يخلص حتى يصير مخلصا ، ومن قالها على الحقيقة فقد تبتل عن الشواهد.
وقال القاسم : العلماء أربعة : عالم متروك ، وعالم متمكن ، وعالم موصول ، وعالم مجذوب ، فالعالم المتروك هم العامة ، والعالم المجذوب وهم الذين جذب الله سرائرهم إلى سره ، والعالم الموصول هم الذي يطلبون المعالية ، والعالم المتمكن وهو محمد صلىاللهعليهوسلم وحد القرار في محل المشاهدة ؛ لذلك خوطب بقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ، ولم يقل فاعرف ؛ لأن الإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علما ، ما علمه وأحاط به علما فقد عرفه.
وقال الواسطي : هما دعوتان : دعا إبراهيم إلى قوله : (أَسْلَمَ) ، ودعا محمد صلىاللهعليهوسلم إلى قوله : (فَاعْلَمْ) ، دعا أحدهما إلى العلم ، والآخر إلى الإسلام ، وأعلاهما العلم ؛ فهو مرتبة الأجلّة ، والإسلام هو الانقياد ، والانقياد إظهار العبودية ، والعلم إظهار الربوبية ، لا جرم ابتلى حين قال : (أَسْلَمْتُ) بالنار وذبح الولد وغيرهما.
وقيل : قال لإبراهيم : (أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ) : ابتلى لما قال ، ونبينا صلىاللهعليهوسلم لم يقل علمت فعوفي ، وما ينكث في سري من الحال هواتف أطيار الغيب التي تنبه أهل الأفهام أنباء الربانية أن الله اختبر الخليل بروية الفعل والعلم بالصفة ؛ حيث قطع الطيور ليرى أنوار الشاهد في الشواهد بقوله بعد أن أحياها : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، وحبل قدر المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، فامتحنه الله بالعلم بالذات هاهنا بقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ، وهناك حيث قال للخليل : (أَسْلَمَ) ، فهناك امتحان بالعبودية ، وما قال للحبيب : (فَاعْلَمْ) امتحان بالربوبية ، فكم فرق بين هذين المنزلين! فالخليل اجترأ من حيث شوقه ، وقال : (أَسْلَمْتُ) ، وكان في سكر الخطاب ، ولو كان في وقت الصحو علم أن الحدثان لا ينقاد لعزّ ربوبيته كما يجب ، فإن الحادث لا يبلغ إلى حقيقة عبوديته ؛ إذ حقيقتها أن يشكر له بشيء يقابل القدم ، وهذا مستحيل ، فوقع إذا في الابتلاء ، فالخطابان مصدرهما واحد من حيث الأمر ، ولكن مصادرهما مختلفة.
قال الواسطي : العلم حجة ، والمعرفة والغلبة غير محكوم بها.
قال الحسين : العلم الذي دعي إليه المصطفى صلىاللهعليهوسلم هو علم الحروف ، وعلم الحروف في لام ألف ، وعلم لام ألف في ألف ، وعلم الألف في النقطة ، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية ، وعلم المعرفة الأصلية في علم الأول ، وعلم الأول في المشيئة ، وعلم المشيئة في علم الهو ، وهو