لهيبته ، مطيعا لأمره ، جعلنا الله وإياكم من أصحاب القلوب ، وأقرّ عيوننا بأنوار الغيوب.
قال الحسين : (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) : لا يخطر فيه إلا شهود الربّ.
وقال ابن عطاء : قلب لاحظ الحق بعين التعظيم ، فذاب له ، وانقطع إليه عما سواه.
وقال الواسطي : ذكرى لقوم واحد ، لا لسائر الناس ، لمن كان له القلب أي : في الأزل ، وهم الذين قال الله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ.)
وقال القاسم : هم الأنبياء ؛ فإن الله خلقهم للمشاهدة ، يشهدون له بقلوبهم عند إقبالهم وإدبارهم بأنه المنشئ والمبدئ والمعيد.
قال الحسين : بصائر المبصرين ، ومعارف العارفين ، ونور العلماء الربانيين ، وطرق السابقين الناجين والأزل والأبد ، وما بينهما من الحدث غيره : (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ.)
وقال ابن عطاء : هو القلب الذي يلاحظ الحق ، فيشاهده ، ولا يغيب عنه خطرة ولا فترة ، فيسمع به ، بل يسمع منه ، ويشهد به ، بل يشهده ، فإذا لاحظ القلب الحق بعين التخويف رعب وارتعد وهاب ، وإذا طالعه بعين الجمال والجلال هدأ واستقرّ.
وقال : قلب لاحظ الحق بعين التعظيم ، فذاب ، وانقطع إليه عما سواه ، وإذا لاحظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن.
وقال بندار بن الحسين : القلب مضغة ، وهو محل الأنوار ، ومورد الزوائد من الجبار ، وبها يصح الاعتبار ، جعل الله القلب للجسد أميرا ، وقال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) ، ثم جعله لربه أسيرا ، فقال : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ.)
وقال جعفر : إذا همّ القلب عوقب على المكاره ، ولا يعرفه إلا العلماء بالله.
وقال الصبيحي : خاطب أصحاب القلوب ؛ لأن القلوب في قبضة الحق يقلبها كيف يشاء ، وسّعها ، وصفّاها من البين ، ونقّاها ، وشرحها ، وفسحها ، ثم حشاها بمودته وإيمانه ويقينه ؛ ولذلك خاطب القلوب بخصائص ما أودع فيها.
وقال بعضهم : للقلوب مراتب ، فقلوب في قبضة الحق مأسورة وبكشفه مسرورة ، وقلوب المحبين إليه والهة ، فقلوب طائرة بالشوق إليه ، وقلوب هاجت بالشغف هيمانا ، أو قلوب اعتقدت فيه الآمال ، وقلوب إلى ربها ناظرة ، وقلوب تبكي من الفراق وشدة الاشتياق ، وقلوب ضاقت في دار الفناء وسمت إلى دار البقاء ، وقلوب خاطبها في سرها ، فزال عنها مرارة الأوجاع ، وقلوب سارت إليه بهمتها ، وقلوب صعدت إليه بعزائم صدقها ، وقلوب تقدمت بخدمته في الخلوات ، وقلوب مرّت في الهدايات ، وابتغت من الله العناية ،