والفعل المضارع يدل على ترقّب وقوع تلك النسبة. وفعل الامر يدل على طلب تلك النسبة ، وفعل النهي يدل على طلب ترك النسبة ، وكلاهما من الذات. ومن المعلوم ان معانيها هذه تأبى عن الحمل على الذوات.
حاصل الكلام : ان للافعال مادة وهيئة ، اما من حيث المادة فتدل على طبيعة التي تجردت عن كل خصوصية خارجة عنها ، وهي التي يعبر عنها بمبدإ الاشتقاق ، وقد سبق عدم جري المبدإ وحمله على الذات ، ف (ضرب) تدل على الضرب من غير تقييده بالشدة والضعف والقلة والكثرة.
واما من حيث الهيئة فتدل على كيفية قيام المبدإ بالذات سواء كان صدوريا ك (ضرب) ، أم كان حلوليا نحو (حسن زيد) و (مرض عمرو). وعلى طلب فعل المبدإ وايجاده كفعل الامر ، أو على طلب ترك الفعل وعلى طلب ترك المبدإ كفعل النهي نحو (لا تغتب مؤمنا) و (لا تظلم مسلما) ، فيكون هذا تفصيلا لما سبق في ضمن قول المصنف (احدها) سابقا فلا تغفل.
عدم دلالة الفعل على الزمان :
قوله : ازاحة شبهة قد اشتهر في السنة النحاة دلالة الفعل على الزمان حتى اخذوا الاقتران به في تعريفه وهو اشتباه ... الخ قد اشتهر عند النحاة دلالة فعل الماضي على الحدث المحقق وعلى الزمان الماضي ، ودلالة فعل المضارع على الحدث المترقب وعلى زمان الحال أو زمان الاستقبال ، ودلالة فعل الامر على الحدث الحاضر وعلى زمان الحال ، ولكن الصحيح عدم دلالته على الزمان لانها لا تدل عليه لا مادة ولا هيئة.
اما الاولى : فظاهرة لانها تدل من حيث المادة على الحدث الكلي المجرّد عن جميع الخصوصيات ، حتى الزمان لم يلحظ فهذا ظاهر.
واما الثانية : فلان مفادها بحسب الهيئة هو نسبة المادة الى الذات على نحو من انحاء النسبة سواء كانت صدوريا ، أم كانت حلوليا ، وسواء كانت شأنيا أم كانت