المشتق تصورا ، وبساطة مفهومه ادراكا ، كما لا يخفى ، والى بساطة التصوري والادراكي ، وتركب مفهوم المشتق بالتعمل من العقل يرجع الاجمال والتفصيل الفارقين بين المحدود والحد مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا ، اي مع اتحاد المعرف ، والمحدود للمعرف والحد ذاتا ومصداقا ، ولكن المحدود واحد تصورا وادراكا ، وبعد تعمل من العقل يصير اثنين وهما جنسه وهو حيوان وفصله وهو ناطق.
مثلا : اذا تصوّرنا الانسان انه بشر كان شيئا واحدا تصورا وادراكا ، لكن بتعمّل من العقل الذي يدرك ماهية الأشياء يكون حيوانا ناطقا وهما شيئان ، فالتحليل العقلي وتعمّله في المشتق يوجب هدم الوحدة تصورا ويحلّه الى اثنين ، اي الى ذات صدر عنه المبدأ مثلا ، كما ان التحليل العقلي في المحدود والمعرف يوجب فتق الجمع والرتق ، والمراد من الجمع هو بساطة مفهوم المحدود كالانسان مثلا ، وبتعمل من العقل ، الى الجنس والفصل فترتق البساطة وتفتق ثم تصير اثنين.
الفرق بين المبدإ والمشتق :
قوله : الثاني : الفرق بين المشتق ومبدئه انه مفهومه ... الخ اعلم ان هنا اشكالا وهو ان المشتق اذا كان موضوعا بمادته للمبدإ وبهيئته للنسبة فكيف يصح حمله على الذات مع انه لا يصح حمل المبدإ عليها فلا يقال (زيد عدل) و (عمرو ضرب) ، ينبغي ان لا يصح حمل المبدإ المنتسب الى الذات عليها كالمشتق ، فدفع المصنف هذا الإشكال بقوله : فالفرق بين الضارب والضرب مفهوما وهكذا بين كل مشتق ومبدئه ان الضارب بمفهومه لا يأبى عن الحمل على الذات ، فتقول (زيد ضارب عمروا) ، والضرب بمفهومه آب عن الحمل على الذات ، فلا يصح ان تقول (زيد ضرب) الا من باب المبالغة في الاسناد ومن طريق المجاز في الاسناد كما في (زيد عدل) ، والسر في ذلك ان المشتق ، وان كان بسيطا مفهوما ، مركب من الذات والحدث ، فمفهوم الضارب حقيقة هو ذات ثبت له المبدأ ، أو ذات صدر عنه الضرب ، فليس معناه بسيطا تصورا وماهية بل بسيط من حيث التصور فقط ، بخلاف المصدر ، فان معناه