الانسان اجمالا ، وهو كاف في مقام الوضع. ولكن تصوره كذلك غير لازم بل تصوره ـ اي تصور المعنى) بوجه ما يكفينا في الوضع ، ففي الرابع لا يتصور المعنى لا بنفسه ولا بوجهه. فالفرق واضح بين تصور الشيء بنفسه وبين تصور الشيء بوجهه ، اذ الاول تفصيلي ، والثاني اجمالي ، في صورة كون العام وجها للخاص وليس الخاص وجها للعام ، لانّ العام ينطبق على ما يباينه من افراده ، فالممكن يكون ثلاثة والممتنع واحدا.
اذا عرفت هذا فلا اشكال لنقل الاقوال في وضع الحروف ، قال الاسترابادي قدسسره : انّه لا معنى له اصلا بل هي علامة على خصوصية المعنى في مدخوله ، وكون معناه من نقطة او على نقطة او في نقطة ك (من) و (على) و (في) فهي كالاعراب من الرفع والنصب والجر ، كما انّ الرفع علامة كون المرفوع فاعلا أو مبتدأ ، والنصب علامة كون المنصوب مفعولا أو حالا ، وكذا ال (من) و (الى) علامتان لكون مدخولهما مبتدأ منه ومنتهى اليه ، وال (في) علامة كون مدخوله ظرفا لما قبله.
وفيه انّه خلاف اتفاق النحاة على انّ الكلمة امّا اسم وامّا فعل وامّا حرف ، فلو لم يكن للحرف معنى يلزم ان تكون قسمين لانها لفظ موضوع لمعنى وهو كما ترى هذا اوّلا.
وثانيا : يلزم التجوز في موارد استعمال الحرف ، لانّ مفهوم لفظ (الدار) في مثل (زيد في الدار) هو البناء الجوهري المتعارف لا الظرفية.
تحقيق الوضع في المعنى الحرفي :
وكذا (السطح) في قولنا (زيد على السطح) لفوق السقف لا الاستعلاء. هذا مضافا الى انّ علائم الاعراب موضوعة للمعنى ، اذ الرفع دال على فاعلية (زيد) في (قام زيد) أو على مبتدئيته في (زيد قام). والنصب يدل على مفعوليته في نحو (ضربت زيدا) ، فكذا الحرف وضع لمعنى. واما اذا قلنا انّ النسبة الكلامية تدل على فاعلية زيد على نحو الصدور في نحو (قام زيد) ، أو على نحو الحلول في نحو (مات