كثرة استعمال صيغة الامر في الندب في الكتاب العزيز والسنة الشريفة واستعمال اهل العرف توجب نقلها الى الندب ، أو حملها عليه عند تجردها عن القرينة. فبالنتيجة هي إما منقولة اليه ، واما مجاز مشهور فيه ، فان كانت على نحو الاول اذا وردت في الكلام بلا قرينة فتحمل عليه.
وان كانت على النحو الثاني ، فاذا وردت بلا قرينة فيرجّح الندب على الوجوب ، او يتوقف فلا تحمل على شيء لا على الوجوب ولا على الندب ، على الخلاف في المجاز المشهور.
قلنا : ان كثرة استعمالها في الندب لا توجب نقلها اليه لوجهين : الاول : ان استعمالها في الكتاب والسنة في الوجوب كثير ايضا. والثاني : ان استعمالها في الندب يكون مع القرينة وهو لا يوجب كونها مجازا مشهورا فيه حتى يوجب اجمالها ، او رجحان الندب على الوجوب كما قال به صاحب (المعالم) قدسسره. بل المجاز المشهور انما يتحقق اذا كان الاستعمال بلا قرينة حالية أو مقالية أو لفظية.
وهذا نظير الفاظ العموم في الخصوص ، لانها تستعمل كثيرا في الخاص حتى اشتهر وصار مثلا انه ما من عام إلّا وقد خصّ. ومع ذلك فهي لا توجب نقلها اليه ولا ينثلم بها ظهورها فيه ، فلذا تحمل عليه مع فقد المخصّص المتصل والمنفصل. فاذا قال المولى لعبده (اكرم العلماء) ولم يكن المخصص في البين حمل على العموم ووجب إكرام جميع العلماء سواء كانوا عدولا أم كانوا فساقا.
تحقيق الجملة الخبرية :
قوله : المبحث الثالث هل الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب والبعث ... الخ الجملة الخبرية اذا استعملت في مقام الطلب والبعث نحو (يغتسل) و (يتوضأ) و (يعيد) هل هي ظاهرة في الوجوب ، او لا ، لتعدد المجازات فيها وليس الوجوب باقواها بعد تعذر حملها على معناها من الاخبار بثبوت النسبة والحكاية عن وقوعها؟ الظاهر هو الاول. بل تكون اظهر من الصيغة ، اي من صيغة الامر في الوجوب.