انّ الوضع والموضوع له والمستعمل فيه في الحروف والمبهمات واسم الجنس والمشتقات تكون عامات ، والتشخّص يكون ناشئا من الاستعمال ، ويستحيل تشخّص المعنى بالتشخّص الناشئ من الاستعمال ، لاستلزامه الدور بهذا البيان ، وهو انّ تشخّص المعنى موقوف على تشخّص الاستعمال.
فلو توقّف تشخّص الاستعمال على تشخّص المعنى لزم الدور وهو محال عقلا كما قرّر في محله ، قوله : فتأمل في المقام فانّه دقيق وقد زلّ فيه اقدام غير واحد من اهل الذوق والتحقيق.
كيفية استعمال المجازي :
الامر الخامس : في كيفية استعمال المجازي أهو بالوضع أم بالطبع؟ فيه قولان : الاظهر أنه بالطبع ، فاذا وجدت مناسبة بحكم الطبع بين المعنى الحقيقي والمجازي فهو حسن وان منع الواضع عنه ، واذا لم توجد لم يحسن وان اجاز الواضع. فحسنه مع منع الواضع على فرض وجود المناسبة والعلاقة ، وقبحه مع اجازة الواضع. على تقدير عدم المناسبة ، يدلان على عدم توقف الاستعمال على الوضع. وقال قوم : انّه بالوضع.
وتظهر ثمرة القولين في الاحتياج الى العلاقة وعدمه اليها ، فان كان بالطبع فلا يحتاج اليها ، وان كان بالوضع فهو يحتاج اليها. وبيان العلائق موكول الى علم البيان. وكذا استعمال لفظ في نوعه ومثله يكون بالطبع ويدلّ عليه ايضا حسن استعمال لفظ (رقبة) في العبد مجازا بعلاقة الجزء والكل ، وقبح استعمال لفظ (قلب) فيه مع وجود العلاقة المذكورة مع تحقّق الشرطين الآتيين (في القلب ايضا) :
الاول : ان يكون بين الكل والجزء تركبا حقيقيا.
الثاني : ان يكون الجزء من الرئيسة بحيث اذا انتفى الجزء انتفى الكل. فالشرطان موجودان في (رقبة) و (قلب) فتكشّف من حسن استعمال الاول وقبح استعمال الثاني انّه يكون بالطبع لا بالوضع.