وحدة المطلوب وتعدّده :
قوله : ولا يخفى انه لو قيل بدلالتها على الفورية لما كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدة المطلوب أو تعدده فتدبّر جيدا وهو اشارة الى دقة المطلب.
ولا يخفى انه بعد تسليم دلالة الصيغة على الفور قاصرة عن الدلالة على كيفية مطلوب الطبيعة المأمور بها ، وانها هل تكون على نحو وحدة المطلوب أو على نوع تعدده؟ فلا بد ، حينئذ ، من الرجوع الى الاصل العملى بشرط عدم افادة مقدمات الحكمة شيئا من الامر الذي يترتب عليها ، وإلّا فلا يجب الإتيان في الزمن الثاني من اوقات الامكان عملا لمقتضاها ، وان لم تجر مقدّمات الحكمة فستصل النوبة الى أصل البراءة ، وهو يقتضي عدم الوجوب ، بالاضافة الى ما زاد على الدفعة. لان ما زاد يحتاج ، في مقام الاثبات ، الى مئونة سواء قلنا بان الفور من قيود متعلق الامر ، أم كان واجبا مستقلا بدليل آخر غير الصيغة لجريان اصالة البراءة على التقديرين ، لوجود شرطها وهو الشك ، في التكليف الوجوبي.
ولكن قال بعض انه ينبغي ان يجعل الاحتمال في هذا المقام ثلاثي الاطراف الاول : انه يقال على هذا المبنى فلو ترك المكلف الإتيان فورا عصى يستحق اللوم في الدنيا والعقاب في الآخرة ولكن سقط الامر وهذا متفرع على وحدة المطلوب.
والثاني : فلو ترك الإتيان فورا عصى في ترك الفور ، ولكن بقي الامر بالطبيعة ، وهذا مبنيّ على تعدد المطلوب.
والثالث : فلو تركه في اول اوقات الامكان عصى ، ولكن بقي الامر. غاية الامر أنه يجب عليه الإتيان فورا ففورا. فالفرق بين الثاني والثالث ، ان في الثاني لا يجب الفور في الثاني من اوقات الامكان ، وفي الثالث يجب الفور في كل اوقات الامكان الثاني والثالث والرابع فهذا متوقف على تعدد المطلوب كالثاني.
فالفور في اول اوقات الامكان مقوّم لاصل المصلحة ، فتفوت بفوات الفور. ولذا سقط الامر هذا على الاحتمال الاول ، والفور بناء على الاحتمال الثاني لا يكون مقوّما لتمام المصلحة ، بل هنا مصلحتان : احداهما : قائمة بنفس الفعل المأمور