فمصلحة اول الوقت تكون اهم من مصلحة الامر الاختياري الواقعي ، وإلّا فلا يكاد يسوغ له البدار في هذه الصورة (الرابعة) لما فيه من نقض الغرض ، ولما فيه من تفويت مقدار من المصلحة لو لا مراعاة ما هو في البدار من الأهم الذي هو مصلحة اول الوقت وهي اهم من مصلحة الامر الواقعي الاختياري.
قوله : فافهم وهو اشارة الى ان المحرّم هو تفويت هذا المقدار من مصلحة الامر الواقعي. والبدار ليس تفويتا له ولا مقدّمة له وانما هو ملازم له فلا ينسب اليه التحريم إلّا بالعرض والمجاز لعدم لزوم اتّفاق المتلازمين في الحكم كما في النظر الى الاجنبية ومعاشرتها ، فالاول حرام والثاني مباح ، فكذا هنا التفويت حرام والبدار مباح وجائز في الصورة الرابعة ولذا لم تفسد العبادة.
الإشكال على الأمر الاضطراري :
قوله : لا يقال عليه فلا مجال لتشريعه ولو ... الخ فان قيل : انه اذا كان الامر الاضطراري لا يشتمل على تمام مصلحة الامر الواقعي ، والحال ان الباقي من مصلحته لا يمكن تداركه ، فلا مجال ـ حينئذ ـ لتشريع الامر الاضطراري ولو بشرط الانتظار لإمكان استيفاء الغرض والمصلحة بالقضاء.
قلنا : ان كلامك تام اذا كانت مصلحة الواقعي مما يمكن استيفاؤها بتمامها مع مصلحة الوقت بالقضاء ، والحال ان ما يستوفي من الامر الاضطراري من مصلحة الوقت اكمل واتم من استيفاء المصلحة بالقضاء.
وبعبارة اخرى ، ان المكلف يدرك بالامر الاضطراري مصلحتين :
إحداهما : مقدار من مصلحة الامر الواقعي الاختياري وهي مصلحة.
وثانيتهما : مصلحة الوقت ، وهو بالقضاء يدرك مصلحة الامر الواقعي فقط ، لا مصلحة الوقت. ولا ريب ان الأوّلي اكمل من الثاني ، فهذا علّة لتشريع الامر الاضطراري ، هذا تمام الكلام في مقام الثبوت.
شرع المصنف قدسسره في بيان احكام الصور الاربع وان بينا آنفا احكامها وتبعا