دخول مقدمات الواجب المطلق في حريم النزاع :
قوله : ثم الظاهر دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط في محل النزاع ... الخ ولا ريب في ان مقدمات الواجب المطلق داخلة في محل النزاع بمعنى أنّ العقل يحكم بالملازمة بين وجوب الشيء وبين وجوب مقدماته شرعا أم لا يحكم بها؟ فيه خلاف بين الاعلام ، ذهب جمع منهم الى ان المولى اذا أوجب الشيء فالعقل يحكم بانه اوجب مقدمته. وذهب الآخر الى عدم الوجوب ، بمعنى ان العقل لا يحكم بان المولى اذا اوجب الشيء قد اوجب مقدمته ، بل الوجوب العقلي يكفي ولا ضرورة الى وجوب شرعي لها.
اما مقدمات الواجب المشروط فهي على قسمين : الاولى : مقدمة وجودية. والثاني مقدمة وجوبية. فالاولى : كقطع المسافة الذي هو مقدمة وجودية للحج. والثانية : كالاستطاعة للحج. فالمشهور قال بان مقدمات الواجب المشروط ، سواء كانت وجودية أم كانت وجوبية ، خارجة عن محل الكلام.
فلذا خصّص بعض العلماء النزاع بمقدمات الواجب المطلق ، فالاظهر ان المقدمات الوجودية للواجب المشروط داخلة في محل الخلاف كمقدمات الواجب المطلق. فاذا قلنا بوجوبها فهي تابعة لوجوب ذي المقدمة. فان كان وجوبه مشروطا فوجوبها مشروط ايضا. وبمجرد كون وجوب ذي المقدمة فعليا ، يصير وجوبها فعليا. فهذه المقدمات على القول بوجوبها واجبة لكن بوجوب مشروط.
واما المقدمات الوجوبية التي يتعلق بها اصل وجوب ذي المقدمة ، مثل الاستطاعة للحج ، والنصاب للزكاة ، والوقت للصلاة ، فعلى مذاق المشهور الذي هو عبارة عن تعلق الشرط بالهيئة وعن تعلق القيد بالوجوب ، فهي خارجة عن محل الكلام. اذ قبل حصولها وتحققها لا يكون الوجوب ثابتا لذي المقدمة حتى يترشح الوجوب منه اليها. اما بعد حصولها وتحققها فلا معنى حينئذ للحكم بوجوب تحصيلها ، اذ وجوب تحصيل الشيء بعد حصوله طلب للحاصل ، وهو قبيح لا يصدر من المولى الحكيم. مضافا الى كونها غير مقدورة للمكلف ، كدخول الوقت والاستطاعة