والثاني : لظهور لفظ التدبر في التدقيق ، فهو اشارة الى دقة المطلب المذكور سابقا. واما توضيح قول المصنف : «ولا يكاد تسري حرمة الشيء الى ما يلازمه فضلا عما يقارنه احيانا» الى قوله : «إلّا ان يكون محكوما بحكمه» فسيأتي ان شاء الله تعالى في مسألة الضد.
الواجب الاصلي والتبعي :
قوله : ومنها تقسيمه الى الاصلي والتبعي والظاهر ان يكون هذا التقسيم بلحاظ ... الخ قال المصنف قدسسره ان من الأمور التي ينبغي تقديمها على المقصد تقسيم الواجب الى واجب اصلي والى واجب تبعي فقال ان الاصالة والتبعية تلحظان تارة بلحاظ الواقع ومقام الثبوت ، واخرى بلحاظ كيفية الدليل ومقام الاثبات.
اما على الاول : فان الواجب تارة يكون ملتفتا اليه ومطلوبا للمولى ومتعلقا لارادته بما هو عليه في الواقع من الملاكات الموجودة في نفس الواجب.
واخرى لا يكون الواجب ملتفتا اليه وملحوظا بما هو عليه من الملاكات فيه ، بل يكون لازم مطلوب المولى ، بحيث لو التفت اليه طلب طلبا أكيدا.
والاصالة والتبعية بلحاظ مقام الثبوت مع قطع النظر عن مقام الاثبات والدلالة ينقسم الواجب الغيري فقط الى الاصلي والتبعي.
فالاصلي منه هو ما كان ملتفتا اليه ، والمولى يلتفت بمقدميته ، ولاجل مقدميته يكون مطلوبا كما في مثل الوضوء في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(١).
والتبعي منه ما كان غير ملتفت اليه وان كان مقدمة لواجب نفسي في الواقع ، ولكن المولى لم يلتفت الى مقدّميته بحيث اذا التفت اليه بما هو عليه من الملاكات فيه لطلبه وأمر به وذلك مثل السّعي للحج.
__________________
(١) سورة المائدة : آية ٦.