ولكننا نستصحب بقاء حياة زيد عند الشك في حياته ومماته ونستصحب عدم نبات لحيته في صورة الشك في نباتها وعدمه ، فهنا يلزم التفكيك بين الملزوم وهو حياة زيد وبين اللازم وهو نبات لحيته ظاهرا بحكم الاستصحابين المذكورين.
والحال ان هذا التفكيك لا يقدح في هذا المورد ، فكذا فيما نحن فيه ، نعم لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة سواء كانت واقعية أم كانت ظاهرية.
وبتقرير آخر وهو ان الدعوى هي الملازمة بين وجوب ذي المقدمة وبين وجوب مقدماته ثبوتا وإثباتا فلا يجوز التمسك بالاصل والاستصحاب المذكور كما لا يخفى. والحال ان الملازمة بين الوجوبين واقعية ثبوتية لا ظاهرية إثباتية.
في الملازمة العقلية :
قوله : اذا عرفت ما ذكرنا فقد تصدى غير واحد من الافاضل لاقامة البرهان ... الخ فقد استدل على الملازمة العقلية بين وجوب الشيء شرعا وبين وجوب مقدمته كذلك بادلة ثلاثة لا تخلو من الخلل والإشكال كما سيأتي ، ولذا كان الاولى احالة ذلك الى الوجدان حيث انه اقوى شاهد على ان الانسان اذا اراد اتيان شيء واذا طلبه فلا بد له ان يريد جميع مقدماته وملازماته التي يتوقف عليها وجود الواجب في الخارج اذا التفت الانسان الى المقدمات الوجودية للواجب ، بل قد يأمر بها مثل امر نفس الواجب امرا نفسيا غيريا ، كما اذا قال المولى لعبده (ادخل السوق واشتر اللحم او الخبز) فالمولى كما يأمر باشتراء اللحم امرا مولويا نفسيا ، يأمر بدخول السوق امرا مولويا غيريا مع الالتفات الى مقدمية دخول السوق لاشتراء اللحم او الخبز مثلا.
فارادة الشيء ملازمة لارادة مقدماته بحكم الوجدان. واما اذا اراد الانسان شيئا وله مقدمات ولكن لم يلتفت اليها فبحكم الوجدان تتعلق ارادة المولى بها إجمالا ، فلا تفكيك بين ارادة ذي المقدمة وبين ارادة مقدماته ، إما تفصيلا اذا التفت اليها ، وإما اجمالا اذا لم يلتفت الى المقدمات.