في توهم ابتناء النزاع على القول بتعلق الأحكام بالطبائع لا الافراد
قوله السابع : انه ربّما يتوهم تارة ان النزاع في الجواز والامتناع ...
فتوهم المتوهم في هذا المقام توهمين :
الأول : ان النزاع في المسألة يتفرّع على القول بتعلّق الأوامر والنواهي بالطبائع.
الثاني : ان الجواز ، أي جواز اجتماع الأمر والنهي ، متفرع على القول بتعلقهما بالطبائع ، وان القول بالامتناع يتفرّع على القول بتعلّقهما بالأفراد.
أما بيان الأول : فهو ان امتناع اجتماعهما لا يكاد يخفى على احد على القول بتعلق الأحكام بالافراد ، إذ لا يمكن تعلق الحكمين المتضادين بواحد شخصي سواء كان ذا عنون واحد وذا وجه فارد ، أم كان ذا عنوانين وذا وجهين ، إذ تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون ، وتعدد الوجه لا يستلزم تعدد ذي الوجه.
واما إذا قلنا ان الأحكام تتعلق بالطبائع فيمكن اجتماعهما في الطبيعة الواحدة ، لأن الطبيعة ذات مصاديق متباينة وذات عناوين متعددة ، فالطبيعة باعتبار وجودها في ضمن فرد تكون مأمورا بها ، وبلحاظ وجودها في ضمن فرد آخر تكون منهيا عنها ، كالكون الكلي إذ هو مأمور به بلحاظ وجوده في ضمن الكون الصلاتي ، ومنهي عنه باعتبار وجوده في ضمن الكون الغصبي ، ولكن المكلّف جمعهما بسوء اختياره في الكون المعيّن الذي هو الكون في الدار المغصوبة حال الصلاة.
وأما بيان الثاني : فهو ان القول بجواز الاجتماع يبتني على القول بتعلق الأوامر والنواهي بالطبائع ، إذ على هذا القول يكون متعلق الأمر والنهي متعددا ذاتا وحقيقة ، لأن متعلق الأمر طبيعة الصلاة ، ومتعلّق النهي طبيعة الغصب ، ولكن المكلف أوجدهما بسوء اختياره في ضمن الفرد الواحد ، كما ذكر آنفا.