قلنا : ان عنوان الامتثال انما يصدق فيما إذا كان المأتي به مما تعلق به الأمر ، لا فيما إذا كان الحكم بصحة العمل متأتّيا من جهة محبوبيته أو من اجل كونه ذا ملاك ، كما في المقام ، أي في صورة الجهل عن قصور ، والحال انه لا يكون فعلا لمأتي به بداعي الأمر ، أثر ورسم في محل البحث. فكون المأتي به غير مأمور به في حال الجهل بالحرمة مبنيّ على تبعية الأحكام لما هو الاقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعا ، لا لما هو المؤثر منهما من جهاتهما فعلا للحسن أو القبح لكونهما تابعين لما علم منهما.
وتوضيح المراد : أي مراد المصنف من هذا الكلام ، ان موضوعات الأحكام ، كالصلاة والصيام والحج مثلا ، تارة تتصف بكونها ذات مصلحة أو ذات مفسدة ، وأخرى تتصف بكونها حسنة أو قبيحة.
ولكن الاتصاف بالأوليين ليس مشروطا بعلم المكلف بكونها ذات مصلحة أو مفسدة ، بل تكون كذلك في حالي علم المكلف وجهله ، فالصلاة مثلا ذات مصلحة سواء علم المكلف بها أم جهلها ، كما ان قتل المسلم بغير حق ذو مفسدة مطلقا أيضا.
والاتصاف بالاخريين مشروط بعلم المكلف ، فلا يكون فعل المكلف حسنا إلّا في حال علمه بكون عمله ذا مصلحة ، كما لا يكون قبيحا إلا في حال علمه بكونه ذا مفسدة.
وأمّا ثبوت الأحكام للموضوعات فكثبوت الوجوب للصلاة ، والحرمة لقتل المسلم ، تارة نقول انه تابع للمصالح والمفاسد الواقعية.
فاذا كان الموضوع ذا مفسدة كان حراما شرعا ، وان جهل المكلف كونه كذلك فضلا عما علم كونه ذا مفسده ، وإذا كان ذا مصلحة كان واجبا وان جهل كونه كذلك ، واما إذا كان ذا مصلحة ومفسدة معا ، وكانت احداهما اقوى من الاخرى مثل التصرف في مال الغير وانقاذ الغريق إذا انحصر الانقاذ بارتكاب الحرام كالمشي في ارض الغير بغير إذنه ، فلا ريب ان مصلحة الانقاذ اقوى في نظر الشارع المقدس من