مفسدة التصرف في ملك الغير بغير إذنه ، وكانت احداهما اقوى من الاخرى ، واخرى نقول ان ثبوت الحكم للموضوع تابع للحسن والقبح الفعليين.
وتفصيل هذا : انه لو كانت المفسدة اقوى من المصلحة ، ولكن جهل المكلف بذلك ، أي بكون المفسدة اقوى من المصلحة ، كان الفعل واجبا. ولو كانت المصلحة اقوى من المفسدة وجهل المكلف بكون المصلحة اقوى كان الفعل حراما.
فبالنتيجة : فالمعلوم يكون مؤثرا والمجهول لا تأثير له ، فلهذا يحكم بوجوب الفعل وان كانت المفسدة اقوى ، وبحرمته وان كانت المصلحة اقوى ، لأن المعلوم في الأول هو المصلحة لا المفسدة ، كما ان المعلوم في الثاني هو المفسدة لا المصلحة ، ففي الأول علم المكلف بحسن الفعل ، وفي الثاني بقبحه. فالحسن والقبح متبوعان ، والوجوب والحرمة تابعان لهما ، كما ان علم المكلف بهما متبوع ، وهما تابعان ، أي الحسن والقبح.
وفي ضوء هذا : يكون المجمع حراما محضا ، ولا يكون مأمورا به على مذهب الأول لكن بشرطين :
الأول : ان يكون المكلف جاهلا بحرمته.
والثاني : ان تكون المفسدة اقوى لكي يتقدم جانب النهي.
وعلى المذهب الثاني يكون مأمورا به ، لأن كونه ذا مصلحة مع الجهل بالمفسدة يوجب كونه حسنا ، فيكون واجبا لا غير ، كما حقّق هذا في محلّه وهو علم الكلام.
فتلخّص مما ذكر : ان الأحكام تابعة لما هو الأقوى من المصالح والمفاسد واقعا على المذهب الأول ، كما انها تابعة لما هو المؤثر من جهات المصالح والمفاسد فعلا للحسن والقبح الصدوريين ، فانهما ، أي الحسن والقبح ، تابعان لما علم من جهات المصالح والمفاسد لا الأقوى مناطا واقعا. فالمصلحة المعلومة مؤثرة في حسن الفعل لا المصلحة الواقعية ، والمفسدة المعلومة تؤثر في قبحه لا المفسدة