الشروط المذكورة ، إذ هي شروط مطلقة ولم تسقط شرطيتها حين النسيان والجهل القصوري أصلا ، كما لا يخفى.
غاية الأمر : انه لا يكون هذا الفرد من الصلاة من جملة افراد الطبيعة المأمور بها ، بعنوان أنّ الطبيعة بما هي مأمور بها ، إذ الفرد الحرام لا يكون مصداقا للمأمور به لو قيل بتزاحم الجهات في مقام تأثيرها للأحكام الواقعية.
ولا ريب ان المراد من الجهات : المصالح والمفاسد اللذان تكون الأحكام الشرعية من حيث الجعل تابعة لهما ، أي تابعة للأقوى منهما واقعا ، فالمؤثر في جعل الأحكام هو الاقوى ملاكا. فلو فرضنا ان ملاك الحرمة اقوى من ملاك الوجوب فيكون المجمع ، كالصلاة في الدار المغصوبة ، فردا من الحرام ومصداقا له.
ومن الواضح ان الحرام لا يكون فردا للمأمور به بما انه مأمور به ، ولكن من جهة اشتمال هذا الفرد على ملاك ومصلحة ، بحيث لا يرى العقل تفاوتا بينه وبين بقية الافراد ، فيكون راجحا ومحبوبا ، ويكون صدوره حسنا كبقية الافراد ، فاذن يصح الاتيان به. هذا إذا كان المكلف ناسيا للموضوع أو للحكم ، أو جاهلا عن قصور باحدهما ، أو بهما معا.
وأما لو قيل بعدم تزاحم الجهات والمصالح والمفاسد واقعا حتى يكون الحكم الشرعي الواقعي تابعا للجهة الاقوى واقعا ، إلا في مقام فعلية الأحكام ، أي خصوص الحكم الواقعي الفعلي تابع للجهة الاقوى ، ولا يكون مطلق الحكم الواقعي ، سواء كان انشائيا أم كان فعليا ، تابعا للاقوى واقعا ، فاذا علم المكلف بوجوب الصلاة وجهل بالغصب أو بحرمته فقد وصل وجوبها بمرتبة الفعلية ، ولم تصل الحرمة بها ، فيكون المجمع مما يسعه المأمور به ، إذ هو فرد له ، فالاتيان به يكون امتثالا لأمر الطبيعة المأمور بها ، بلا كلام ونزاع.
فخلاصة الكلام : انه إذا قلنا ان الحكم الواقعي ، سواء كان انشائيا أم كان فعليا ، تابع للجهة الاقوى ، فلا تكون الصلاة في المكان المغصوب فرد لطبيعة الصلاة