الاستقراء
قوله : ومنها الاستقراء فانه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على الوجوب ...
بدعوى انا إذا تتبعنا موارد دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في المسائل الشرعية نجد ان الشارع المقدس قدّم جانب الحرمة على جانب الوجوب.
فمنها : حكم الشارع بترك الصلاة ايام الاستظهار ، وهي الأيام التي ترى المرأة دما بعد ايام العادة إلى العشرة ، فان أمرها دائر في هذه الأيام بين وجوب الصلاة عليها إذا انقطع الدم بما دون العشرة ، وبين حرمتها عليها إذا استمرّ الدم إلى العشرة ، ولكن الشارع المقدّس قدّم جانب الحرمة على جانب الوجوب وأمرها بترك الصلاة في هذه الأيام.
ومنها : عدم جواز الوضوء أو الغسل بماءين مشتبهين. فان أمر المكلف يدور حينئذ بين حرمتهما منهما ، وبين وجوبهما منهما ، ولكن الشارع الجليل قدّم جانب الحرمة على جانب الوجوب وأمر باهراقهما والتيمم للصلاة.
ويرد عليه :
أولا : ان الاستقراء لا يثبت بهذا المقدار. حتى الاستقراء الناقص فضلا عن الاستقراء التام. فان الاستقراء الناقص هو تتبع اكثر الجزئيات والافراد ، ليفيد الظن ثبوت كبرى كلية ، في قبال الاستقراء التام الذي هو تفحص تمام الجزئيات والافراد ، وذلك يفيد القطع ثبوت كبرى كلية ، ان امكن هذا الاستقراء.
ومن الواضح ان الاستقراء الناقص لا يثبت بهذين الموردين ، ولو سلمنا ثبوته بهما ، فليس دليل على اعتباره ما لم يفد القطع ، ولو سلّمنا ثبوته بهذا المقدار واعتباره واعتبار الظن الحاصل منه ، ولكن ليس الأمر في هذين الموردين من جملة