والتي لا يتوقف اعتبارها على جعل ، وليست الصحة من الاحكام العقلية ، بل الصحة منتزعة من كون المأتي به واجدا لجميع الخصوصيات الملحوظة في المأمور به شطرا وشرطا.
واما عند الفقيه ، حيث فسّر الصحة بسقوط الاعادة والقضاء ، فيختلف حالها باختلاف الموصوف بالصحة ، فان كان الموصوف بها هو الفعل المطابق للمأمور به بالأمر الواقعي الاولي فالصحة حينئذ من الاحكام العقلية ، لان العقل حاكم بها. وان كان الموصوف بها هو الفعل المطابق للمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري فالصحة بالاضافة الى الأمر الاضطراري الواقعي الاولي ، فان كان المأتي به وافيا بتمام الغرض الاصلي للأمر الواقعي فالصحة حينئذ من الاحكام العقلية ايضا ، وان لم يكن المأتي به وافيا بتمام الغرض الاصلي له فالصحة حينئذ من الاحكام المجعولة للشارع المقدس ، إذ العقل لا يستقل بسقوط الاعادة والقضاء في هذا الفرض ، وانما يكون السقوط المذكور بجعل الشارع المقدّس لا غير.
فالصحة بمعنى سقوط الاعادة والقضاء عند الفقيه تكون من لوازم الاتيان بالمأمور به الواقعي الاولي ، إذ لا يتصور الامتثال عقيب الامتثال ، فالصحة بهذا المعنى المذكور في تعريفها عند الفقيه في المأمور به بالأمر الواقعي الاولي ليست بحكم وضعي مجعول من قبل الشارع لا بنفسه ولا بتبع التكليف الشرعي ، ولا أمرا انتزاعيا كما توهم في التقريرات للعلامة الانصاري رضى الله عنه ، بل هي احكام عقلية كما سبق هذا آنفا نظير استحقاق المثوبة بالاتيان بالمأمور به الواقعي الاولي إذ هو من باب حكم العقل لان المكلف إذا اطاع المولى على وجهها فالعقل حاكم باستحقاق الثواب له ونظير استحقاق المثوبة بالاتيان بالمأمور به الواقعي الثانوي كما إذا فرض وفاء المامور به الواقعي الثانوي بتمام مصلحة المأمور به الواقعي الاولي أو بمعظمه بحيث لا يبقى ملاك لتشريع الاعادة والقضاء. فالصحة في المأمور به الاضطراري والظاهري مثل الصحة في المأمور به الواقعي الاولي في كونها من الاحكام العقلية