تفسير الفقيه بالاضافة إلى الأمر الواقعي الاولي لازم عقلي ، لانه فسرها بهما ، فالصحة عين سقوطهما ، والفساد عين ثبوتهما ، وهما شرعيان ، كما لا يخفى ، واما بالاضافة إلى غيره من الاضطراري والظاهري على القول بالاجزاء فيهما فحكم وضعي شرعي مجعول الشارع المقدس ، بمعنى ان الشارع يحكم بسقوطهما تخفيفا ومنة على المكلفين ، مع ثبوت المقتضي لهما لفوت الواقعي الاولي ، فليسا عند الفقيه أمرين انتزاعيين ووصفين اعتباريين ، كما عند المتكلم هما وصفان اعتباريان وأمران انتزاعيان إذا كان الاتيان بالامر الاضطراري أو الظاهري وافيا بتمام المصلحة الواقعية ، فهي في لازم العقلي من حيث المطابقة معه ، كما ان الفساد كذلك من حيث عدم المطابقة. وإلّا ، أي وان لم يف به ، فهما مجعولان شرعا عند الفقيه ، نعم الصحة والفساد بالنسبة إلى الافعال الجزئية الصادرة من المكلف الخاص ، فصحتهما بمعنى كونها مسقطة للأمر الواقعي الاولي عقلية لا غير ناشئة من انطباق الكلي عليها ، أي انطباق المأمور به الكلي عليها ، وفسادها بمعنى عدم انطباقه عليها لا غير ، ففي الافعال الجزئية هما حكمان عقليان فقط. هذا في العبادات.
في تحقيق الصحة والفساد في المعاملات
قوله : واما الصحة في المعاملات ...
لما فرغ المصنف رضى الله عنه عن تحقيق الصحة في العبادات شرع في تحقيقها في المعاملات وقال ان الصحة تكون مجعولة ، إذ صحتها بمعنى ترتب الأثر عليها ليست إلّا من المجعولات الشرعية حيث ان ترتب الأثر انما يكون بجعل الشارع المقدس على المعاملات ولو امضاء لا تشريعا وتقنينا ، لانه لو لا جعله الأثر عليها لما ترتب عليها الأثر لأصالة الفساد فيها. مثلا : إذا باع زيد فرسه لعمرو فالاستصحاب والاصل حاكمان بعدم ترتب النقل والانتقال على هذا البيع والمعاملة بلا جعل الشارع ترتب الأثر عليها وبلا امضائه اياه ، كما ان اصالة الفساد مشهورة عند الفقهاء