كما لا يهمنا التصدي لكون المنطوق والمفهوم صفتين من صفات المدلول ، أو صفتين من صفات الدلالة ، فيقال على الاول المدلول إما منطوق وإما مفهوم. وعلى الثاني الدلالة اما منطوق واما مفهوم ، وان كانا بصفات المدلول اشبه وانسب ، نظير ما يقال الكلية والجزئية.
ان المدلول كلّي تارة بحيث يصدق على كثيرين كمدلول لفظ (الانسان) وهو الحيوان الناطق ، وأخرى جزئي كمدلول لفظ (زيد) وهو الذات المعينة للشخص في الخارج ، وهو لا يصدق على كثيرين. فيكون توصيف الدلالة بهما تبعا ومجازا ، نظير الوصف بحال متعلق الموصوف نحو (جاءني زيد المجتهد أبوه).
كما ان عنوان المعلومية والمجهولية والاشتقاق والجمود والثلاثية والرباعية من صفات الالفاظ لا من اوصاف المدلول والمعاني ، وليسا نظير الصراحة الأظهرية والظهورية والاقوائية والضعفية ونحوها ، فانها من صفات الدلالة لا من صفات المدلول. فيقال دلالة صيغة الامر على الوجوب أقوى وأظهر من دلالتها على الندب وغيره من المعاني التي ذكرت في المطولات.
ولكن قال الأكثر بالاول ، واحتج بان المنطوق والمفهوم ينتزعان من نفس المدلول بقرينة عدم لحوق الياء والتاء فيهما فيقال : (منطوق الكلام) و (مفهوم الكلام) بلا ياء وتاء ، هذا مضافا الى اضافتهما الى الكلام تارة والى الجملة أخرى في كلمات ارباب الفن ، فيقال (منطوق الكلام) و (مفهوم الكلام) ، كما يقال (منطوق الجملة) و (مفهوم الجملة) ، فكذا يقال المنطوق إما حكم ايجابي وإما حكم سلبي ، والمفهوم ، اي مفهوم هذا الكلام ، إما حكم ايجابي وإما حكم سلبي. والى تفسيرهما بالحكم ، والحكم هو المدلول وقال بعض بالثاني ، واحتج بتقسيم الدلالة الى الدلالة المنطوقية والى الدلالة المفهومية ، كما اشتهر بين الاصوليين ان الدلالة المنطوقية أقوى من الدلالة المفهومية ، هذا مضافا الى ان مفهوم المقسم سار في جميع مفهومات الاقسام ، كما في تقسيم الكلمة الى الاسم والفعل والحرف ، اذ كل منها لفظ