والثالث : ظهورها في استقلال الشرط في تاثير حكم الجزاء.
والرابع : ظهورها في دخل خصوصية الشرط في حكم الجزاء.
ورفع اليد عن واحد من الظهورات يكفي في رفع التنافي والتعارض بينهما. فالبحث يقع في تعيين الاضعف منها ، أي من هذه الظهورات الاربعة ، ليتعين للسقوط. ويجب الاخذ بالاقوى منها ، كما ان الطريق المذكور قانون الجمع بين المتنافيين ، وللجمع طرق أربعة في هذا المقام :
الاول : ان يقال بعدم المفهوم لها في هذين الموردين فلا دلالة لهما على عدم مدخلية شيء آخر في الجزاء ، وهو وجوب التقصير للصلاة الرباعية ، إذ اثبات شيء لشيء لا يدل على نفي هذا الشيء عن غيره. مثلا : إذا قلنا : (زيد قائم) فهذا لا يدل على نفي القيام عن عمرو ، وكذا إذا قيل (إذا خفي الاذان فقصّر وإذا خفيت الجدران فقصّر) فهذا لا يدل على نفي وجوب التقصير عند الخوف لما ذكر آنفا.
فبالنتيجة : الشرط في الوجوب كلاهما معا ، فلا تعارض ولا تنافي في البين لجواز تعدد الشرط ووحدة المشروط شرعا ، كما في شرائط الصلاة ، ولجواز توارد العلتين غير المستقلتين على معلول واحد عقلا. فهذا الوجه يوجب سقوط الظهور الاول.
والثاني : ان يقال بتخصيص مفهوم كل واحد منهما بمنطوق الآخر فيكون منطوق كل واحد منهما مخصّصا لمفهوم الآخر ، لان المنطوق اقوى دلالة بالنسبة اليه ، اي إلى المفهوم ، فهو كالنص أو الأظهر بالنسبة إلى الظاهر فيقدم عليه من باب تقدم النص على الظاهر أو الاظهر عليه ، وهو المسمى بالجمع العرفي ، كانه قيل : (إذا لم يخف الاذان فلا تقصّر إلّا إذا خفيت الجدران ، وإذا لم تخف الجدران فلا تقصّر إلّا إذا خفي الاذان) نظير قولك : (لا تكرم البغداديين الا الشماليين منهم) فهذا الوجه يوجب سقوط ظهور الثاني لعدم شمول مفهوم كل واحد منهما لمنطوق الآخر ، فلا تعارض بين مفهوم احدهما مع منطوق الآخر.