تدل على مفعولية الاول وفاعلية الثاني ، والّا فلم تكن القرينة اللفظية موجودة ، وهي نصب المفعول به ورفع الفاعل لكونهما مقصورين ، أم كانت قرينة عامة ، كمقدمات الحكمة. أم كانت مقالية وهي كسؤال السائل (من ربّك؟) فيجاب (الله الواحد الاحد) أي الله الواحد ربّي. فالسؤال قرينة مقالية على كلمة ربّي في الجواب لاشتراط التوافق بين السؤال والجواب موضوعا ومحمولا ، فالمحمول ـ وهو ربّي ـ مذكور في السؤال معلوم في الجواب ، فلم توضع الغايات التي تكون قيود الموضوع أو المتعلق لانتفاء سنخ الحكم عن غير المغيّى ، وليست القرينة عامة بموجودة على دلالة الغاية على انتفاء سنخ الحكم عن غيره ، فلا اشكال في البين. وكذا الأمر في المثال المذكور على حذو النعل بالنعل.
فان قيل : إذا لم يدل التحديد بالغاية على انتفاء الحكم عن الغاية فما فائدة التحديد بها؟
قلنا : فائدة التحديد غير منحصرة بالمفهوم ، كما مرّ في الوصف بل له فوائد منها لشدة الاهتمام بما قبل الغاية نحو (اقرأ القرآن إلى ان يختم) فذكر الغاية وهي كلمة (الختم) لشدة اهتمام المولى بقراءة القرآن. ومنها لمصلحة تقتضي بيان حكم المغيّى بالنص بالغاية وبيان حكم غير المغيّى بالفحص والتنقير. ومنها لاحتياج السامع إلى بيان حكم المغيّى بالنص وغيرها من الفوائد الأخر كسائر التحديدات والقيودات ، فلا يلزم اشكال لغوية التحديد بها كما لا يخفى.
قوله : ثم انه في الغاية خلاف آخر ...
وقد اشير سابقا ان في الغاية خلافين :
اما الخلاف الاول : ففي دلالتها على انتفاء سنخ الحكم عنها وعن بعدها ، بناء على القول بخروجها عن المغيّى وفي عدم دلالتها عليه عن نفسها ، واما بالاضافة إلى ما بعدها فهي ساكتة ، بناء على القول بالدخول ، نظير (زيد عالم) إذ هو ساكت عن اثبات علم لعمرو وعن نفيه عنه ، ففد سبق هذا في صدر المبحث.