عدد افراد العلماء خمسين نفرا والمخصّص قد أخرج عن تحت العلماء عشرة أشخاص مثلا ، فيبقى الاربعون فردا تحته ، فليس العام المخصّص بمجمل ويكون حجة في تمام الباقي ، هذا مضافا إلى منافاة عدم ارادته الاغراء بالجهل ، إذ مراتب المجاز متعدد ، وهو قبيح لا يصدر من المولى الحكيم.
وفيه ان الاقربية المرجّحة لبعض مراتب المجازات على بعضها الآخر إذا كانت ناشئة في أذهان السامعين من جهة كثرة استعمال اللفظ في ذلك البعض موجبة لانس اللفظ بذاك البعض ، فلا عبرة بالاقربية من حيث المقدار بلا كثرة استعمال اللفظ في ذاك المقدار الاقرب إلى العموم ، وهي غير معلومة ، فتصل النوبة باصالة عدم كثرة الاستعمال حين الشك في الكثرة وعدمها ، فتبقى حجة النافي بحالها.
وفي تقريرات العلامة الانصاري قدسسره في مقام الجواب عن احتجاج النافي ما هذا لفظه : «والأولى أن يجاب بعد تسليم المجازية بانّ دلالة العام بالوضع على كل فرد من افراده غير منوطة بدلالة العام على فرد آخر من افراده ، بل يدل على كل فرد فرد بنفسه ، سواء كانت الدلالة على نحو الحقيقة أم كانت على نحو المجاز ، إذ لا تفاوت بين المجازية والحقيقة من جهة دلالة العام ، إلا ان المجازية لا تشمل بعض افراد المعنى الحقيقي للعام وهو العموم من جهة التخصيص الذي يوجب المجازية في لفظ العام ، وليست المجازية من جهة كثرة المعنى المجازي على المعنى الحقيقي كي يفترقا من حيث دلالة اللفظ ، فلفظ العام يدل بالدلالة التصديقية على تمام الافراد دلالة واحدة لكنها منحلة إلى دلالات ضمنية متعددة بتعدد الافراد ، فيدل اللفظ العام على كل فرد دلالة ضمنية في قبال دلالته كذلك على بقية الافراد ، فمرجع هذه الدلالة الضمنية إلى ان الفرد مستعمل فيه ضمنا ومراد للمتكلم بالارادة الاستعمالية ضمنا ، وهذه الدلالات كل واحدة منها حجة لو لم يرد الدليل المخصص ، فاذا ورد المخصص المنفصل فاقتضى عدم حجّيّة الدلالات الضمنية للعام على افراد المخصص ، وان المتكلم باللفظ العام لم يرد منه بالارادة الاستعمالية تلك الافراد.