في العموم وفي المعنى الحقيقي ، ففقدان المقتضي لظهور العام في تمام الباقي ، وان كان مع عدم المانع عنه بالاصل يكفي في عدم حجيته في الباقي بتمامه.
نعم انما يجدي عدم المانع عن الظهور إذا كان لفظ العام مستعملا في العموم في الموضوع له ، ولكن شك في تخصيص العام ، فهذا الاصل ينفع حينئذ ، أي حين وجود المقتضي للظهور وهو الوضع والاستعمال في الموضوع له وهو العموم ، فاذا كان المقتضي للظهور موجودا فهو متبع ، كما حقّقناه في طي جوابنا عن احتجاج النافي وقلنا هناك ان التخصيص انما يكون بالاضافة إلى المراد الواقعي الجدّي وليس بالاضافة إلى المراد الاستعمالي وتقدم هذا المطلب مفصلا. فمختار المصنّف رضى الله عنه حجّية العام في الباقي لا من باب المجازية ، بل من باب الحقيقة.
في تخصيص العام بمجمل مفهوما أو مصداقا
قوله : فصل إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا ...
لمّا فرغ المصنّف قدسسره من بيان حكم المخصص المبين مفهوما ومصداقا ، شرع في بيان حكم المخصص المجمل مفهوما ومصداقا ، فاعلم ان الخاص إما مبين المفهوم والمصداق اولا ، وعلى الثاني اما اجماله في المفهوم وإما في المصداق ، وكل منهما اما مردد بين الاقل والأكثر ، واما مردد بين المتباينين ، وكل منهما اما متصل واما منفصل فصور المخصص المجمل ثمان ، أربع لمجمل المفهوم ، وأربع لمجمل المصداق ، ولكن قدّم المصنّف رضى الله عنه بحث مجمل المفهوم الدائر بين الأقل والأكثر ، وكان المخصص المجمل مفهوما منفصلا ، نحو (اكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق منهم) ، فمفهوم الفاسق مردّد بين من ارتكب مطلق المعصية سواء كانت كبيرة أم كانت صغيرة وبين من ارتكب معصية كبيرة فقط ، فلا يسري اجماله إلى العام ، لا حقيقة بارتفاع ظهور العام في العموم ، ولا حكما بارتفاع حجية ظهوره فيه ، فلا يكون اجماله مانعا عن التمسك بعموم العام ، حيث ان ظهوره في العموم قد انعقد ،