يكن حاضرا أو كان معدوما فهو مقصود به حين ما تصل اليه الآيات والخطابات ، كما يومئ إلى هذا المطلب غير واحد من الأخبار المعتبرة ، مثل خبر الثقلين المروي في كتب الفريقين ؛ ومثل ما دل على عرض مطلق الخبر على الكتاب الكريم ؛ ومثل ما دل على الأخذ بالخبر الموافق للكتاب من الخبرين المتعارضين وغيرها. فالجميع ظاهر في الحجية بالنسبة إلى جميع البشر.
الثانية : انه على القول بالعموم يصح التمسك بعمومات الكتاب واطلاقات الخطابات القرآنية لثبوت الأحكام بالاضافة إلى الغائبين والمعدومين وان لم يكونوا متحدين في الصنف مع المشافهين ، كقوله تعالى مثلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ...) (١) فلا مانع من التمسك بعمومه لاثبات وجوب السعي للغائبين والمعدومين ، واما على القول بالاختصاص فلا يصح التمسك بها لاثبات وجوب السعي لهما ، لفرض ان وجوب السعي في الآية الشريفة على هذا القول غير متوجه إليهما ، فاثباته للمعدومين يحتاج إلى تمامية قاعدة الاشتراك في التكليف ، أي انه بناء على العموم يكون اثبات الحكم الذي تضمنه الخطاب للمعدومين بنفس ذلك الخطاب ، لأن الخطاب إذا تضمن ثبوت الحكم للعنوان المنطبق على المعدومين مثل : (الذين آمنوا) في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، ومثل : الناس في (يا أيها الناس) فقد دل الخطاب بنفسه على ثبوت الحكم لهم.
وأما بناء على عدم الشمول لهم فالخطاب انما يتضمن اثبات الحكم للمشافهين فقط فاثباته لهم يتوقف على ثبوت قاعدة الاشتراك. والاجماع وان قام على ثبوت القاعدة ، أي قاعدة الاشتراك إلا ان المتيقن من معقد الاجماع هو اشتراك المعدومين مع الموجودين في جميع الخصوصيات التي كانوا عليها حال الحكم والخطاب.
__________________
(١) سورة الجمعة : آية ٩.