بحث الواجب التخييري
قوله : فصل إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء ...
إذا تعلّق الأمر الشرعي بالشيئين مثل : (ان افطرت عامدا ، فاعتق رقبة مؤمنة ، أو فصم ستين يوما) ، أو تعلق بالاشياء نحو : (إذا افطرت صومك عامدا عالما ، فاعتق رقبة مؤمنة ، أو فصم ستين يوما أو فأطعم ستين مسكينا).
فهذا واجب تخييري بحيث لا يجوز الاخلال بالجميع ولا يجب الاتيان بالجميع ، فللمكلّف الخيار في تعيين ما شاء من الأمرين أو الامور ، فاذا أتى بالواحد فقد فعل الواجب ، وحصل غرض المولى ، فالوجوب التخييري يكون نحوا من الوجوب الشرعي ، ولكن يمتاز عن غيره بحسب الفرض والثواب والعقاب ، كما سيأتي عن قريب.
فالأقوال هنا كثيرة :
أوّلها : ان الواجب يكون الأمرين أو الامور معا ولكن تخييرا ، بالمعنى الذي ذكر سابقا.
وثانيها : ان الواجب واحد لا على التعيين ، فالواجب كلي يشمل الجميع على البدل ، فالتخيير عقلي في مقام الامتثال وفي مرحلة العمل ، وهو شرعي على الأول ، وكما ان الخطاب على الأول متعدّد ، وعلى الثاني واحد ، هذا فرق بينهما.
وثالثها : ان كل واحد من الامرين أو الامور واجب بالوجوب التعييني ، ولكن امتثال واحد منها محصّل الغرض ، مثل ما إذا كان للمولى غرضان كلاهما واجب التحصيل ، ولكنهما متنافيان بحيث لا يمكن للمكلف تحصيلهما معا ، إلا تحصيل أحدهما ، ففعل واحد لا محالة محصّل للغرضين ، كما إذا أمر المولى باحضار التفاح والخبز لرفع الجوع الشديد ، ولكن لا يمكن للمكلف احضار التفاح فاحضار الخبز