النواهي
قوله : المقصد الثاني في النواهي ، فصل : الظاهر ان النهي ...
ولا يخفى ان المراد من مادة النهي مادة الاشتقاق مثل : (نهى ينهى نهيا) وهو مادة الاشتقاق ، ومن صيغته نحو : (لا تشرب الخمر ولا تزن) ونحوهما مما هو بمعنى طلب ترك الفعل المنهي عنه.
يعنى كما ان مادة الامر كمادة اشتقاق ك (أمر يأمر أمر مأمور) والامر المصدري مادة الاشتقاق وصيغته نحو : (اقم الصلاة) و (اكرم العلماء) ونحوهما مما هو بمعنى طلب ايجاد الفعل المأمور به ، فمادته وصيغته دالتان على الطلب ، كذلك مادّة النهي وصيغته دالتان على الطلب ، وانما الفرق بين الأمر والنهي ان الطلب الذي هو مدلول مادة الأمر وصيغته متعلّق بالوجود ، وان الطلب الذي هو مدلول مادة النهي وصيغته متعلق بالعدم والترك.
ولكن التحقيق ان الوجود ليس بمأخوذ في مفهوم مادة الأمر ، فانها قد تتعلق بالعدم والترك كما تتعلق بالوجود ، فيقال أمره المولى بالترك ، كما يقال أمره بالفعل. وكذلك صيغته تتعلق بالوجود تارة وبالترك اخرى ، فانها قد تكون مادتها الترك ، مثل (أترك هذا) وكذلك العدم ليس مأخوذا في مدلول مادة النهي فانها قد تتعلق بالوجود كما تتعلق بالعدم ، فيقال نهاه المولى عن الفعل الفلاني كما يقال نهاه المولى عن الترك ، أي عن ترك الفعل الفلاني. وكذلك صيغته ، فيقال (لا تفعل هذا) كما يقال (لا تترك هذا) ، فالنهي بمادته ضد الأمر ، إذ هي تقتضي الزجر عنه ، أي عن الفعل ، كما ان مادة الأمر تقتضي البعث اليه ، أي إلى الفعل المأمور به ، فيعتبر في النهي ما يعتبر في الامر من اعتبار العلو في الناهي كالآمر ، فكما ان الأمر الصادر من المساوي يكون التماسا وان الأمر الصادر من السافل يكون سؤالا كما مرّ هذا سابقا.