الدوام والتكرار وعدمه
قوله : ثم انه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار ...
اشارة المصنف قدسسره إلى المورد الثاني من الخلاف بين الاعلام إذ قال بعض بدلالة صيغة النهي على الدوام والتكرار ، وقال الأكثر بعدم دلالتها عليهما ، ومنهم المصنّف قدسسره واستدل بأنه فكما لا تدل صيغة الأمر على المرّة ولا على التكرار ، لا بمادتها ولا بهيئتها ، فكذلك لا تدل صيغة النهي عليهما لا بمادتها ، ولا بهيئتها ، لأن الأول لطلب ايجاد الطبيعة ، والثاني لطلب تركها ، ولكن مقتضاهما عند العقل السليم مختلف ، وان كان متعلق الأمر والنهي متحدا ، مثل : (اشرب الماء يوم الأربعاء في السوق) ، ومثل : (لا تشرب الماء يوم الاثنين في المسجد) مثلا ، إذ يحصل طلب ايجاد الطبيعة بايجاد فرد منها ، لأن الطبيعة تتحقق بتحقق فرد ، كتحقق طبيعة الانسان بتحقق زيد بن ارقم مثلا ، ولكن طلب ترك الطبيعة يحصل في الخارج بترك جميع افرادها ومصاديقها ، مثلا إذا أمر المولى عبده بالنكاح الدائم فيحصل مطلوب المولى بايجاد العقد الواحد في الخارج ، وإذا نهاه عنه فلا يحصل مطلوبه إلا بترك جميع افراده ومصاديقه فيه فيمتثل أمر المولى بايجاد فرد واحد من الطبيعة المأمور بها ، ويمتثل نهيه بترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها ، وليس هذا المطلب من اجل دلالة الأمر على المرّة ، ومن اجل دلالة النهي على التكرار كما توهم ، بل المطلب المذكور ثابت بحكم العقل ، وهو يحكم بان طلب الطبيعة يحصل بايجاد فرد واحد منها ، وبأن طلب ترك الطبيعة لا يحصل إلا بترك جميع افرادها ومصاديقها في الخارج.
قوله : ومن ذلك ظهر ان الدوام والاستمرار ...
قد يكون متعلق النهي طبيعة مطلقة غير مقيدة بزمان أو حال نحو (لا تقتل