______________________________________________________
فمقتضى النص عدم الاعتناء به وعدم وجوب تجديد الطلب لأجله ، لأن الاحتمال المذكور لازم غالباً لا ينفك عنه ، فلو بني على التجديد لأجله لزم وجوب التجديد دائماً إلى آخر الوقت ، وهو خلاف ظاهر النص من الاكتفاء بطلب واحد. وإن كان معتداً به عند العقلاء كنزول مطر ونحوه فالظاهر وجوب الطلب ثانياً ، وإن وقع الأول في الوقت لظهور النص في أنه يعتبر في صحة التيمم والصلاة به بقاء المكلف على الحالة التي كان عليها وبعبارة أخرى : ظاهر النص الدال على اعتبار الطلب في صحة التيمم ظاهراً إنما هو اعتبار نفس الحالة التي تحصل للطالب بعد الطلب وهو اليأس من القدرة على الماء ، لا اعتبار نفس السعي والطلب ، فاذا فرض زوال تلك الحالة بحدوث ما يوجب رجاء القدرة عليه وجب تحصيلها ثانياً.
ولأجل ما ذكرنا يندفع ما يقال من أن أدلة وجوب الطلب إنما اقتضت إلغاء أصالة عدم الوجدان الجارية قبل الطلب ، فإذا جرى الأصل المذكور بعد الطلب كفى في إحراز صحة التيمم ولم يحتج الى الطلب. وجه الاندفاع أن ظاهر النص اعتبار نفس الحالة الحاصلة بالطلب في صحة التيمم ، فلا بد من تجديد الطلب لتحصيل الحالة المذكورة ، وإلا فلا يحرز صحته.
هذا ولو بني على المناقشة فيما ذكرنا وعلى الحكم بعدم وجوب التجديد لو طلب في الوقت كان اللازم أيضاً الحكم بعدم وجوب التجديد لو وقع قبل الوقت ، عملا بالاستصحاب المذكور ، لعدم الفرق بينهما في شمول الإطلاق وجريان الاستصحاب ، فالفرق بينهما ـ كما ذكره الجماعة ـ غير ظاهر. ثمَّ إنه لو بني على الفرق بينهما في شمول الإطلاق وجريان الاستصحاب فقد عرفت الإشارة الى أن عدم وجوب التجديد عملا بالاستصحاب لو وقع بعد الوقت إنما يتم بالنسبة إلى إحراز صحة التيمم ، لا بالنسبة إلى الأمن من تفويت الواجب المطلق أعني : الطهارة المائية كما ذكرنا ذلك آنفاً.