______________________________________________________
لكن الظاهر وجوب الإتيان به بداعي الأمر النفسي ، أو بداعي الكون على الطهارة ، لما عرفت من أن الأمر بالموقت لا يصلح للبعث اليه قبل الوقت ، وإنما الباعث العقل وهو لا يصلح للداعوية اليه على وجه يكون عبادة.
اللهم إلا أن يقال : إنه يكفي في عبادية العبادة كونها مشروعة في نفسها ، وكون الإتيان بها على وجه يستحق فاعلها الثواب وإن لم يقصد الفاعل الأمر الشرعي ، بل لو لا ذلك لم يصح الوضوء المأتي به بعد الوقت بداعي الصلاة ، لأن لأمر الغيري المترشح من قبل الأمر النفسي بالصلاة إنما يتعلق بالطهارة المقارنة للصلاة ، وهو بقاء الطهارة ، وبقاء الطهارة ليس مستنداً الى الوضوء فان الوضوء إنما يحدث الطهارة ، والحدوث ليس علة للبقاء ، ولا البقاء معلول له ، لأن العلية والمعلولية تستتبع الاثنينية ولا اثنينية بين الحدوث والبقاء ، بل هما وجود واحد مستمر. فالأمر بالصلاة مع الطهارة لا يترشح منه أمر غيري بالوضوء وإنما يترشح منه أمر غيري ببقاء الطهارة لا غير ، فلو بني على اعتبار الأمر الغيري في صحة الوضوء للصلاة كان باطلا ، وهو مما لا يمكن الالتزام به ضرورة.
وقد أشار الى ما ذكرنا في الجواهر قال : « فحينئذ لو تيمم قبل الوقت لذات الوقت لم يكن مشروعاً بالنسبة الى ذلك ، لكن قد يقال بعدم فساد التيمم في نفسه بعد فرض استحبابه للكون على الطهارة ، إذ هو حينئذ كالوضوء لغاية لم يشرع لها ، لأن ملاحظة الغاية أمر خارج عنه. اللهم إلا أن يقال بعدم حصول التقرب فيه ، لأنه قصد ما لم يشرع له وترك ما شرع له. فتأمل جيداً ». والذي يتحصل مما ذكرنا : أنه لم يتحقق من الأصحاب إجماع بنحو يخرج به عن القواعد ، فالعمل عليها متعين.