وحقيقتها : الندم [١]. وهو من الأمور القلبية ، ولا يكفي
______________________________________________________
عن كل معصية ، وحكاه عن جماعة من المتكلمين ، وضعف ما حكاه عن جماعة من المعتزلة من أنها لا تجب عن الصغائر المعلوم أنها صغائر. هذا ، وقال المجلسي في شرح الكافي : « سقوط العقاب مما أجمع عليه أهل الإسلام ، وإنما الخلاف في أنه هل يجب على الله تعالى حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما ، أو هو تفضل بفعله سبحانه كرماً منه ورحمة بعباده؟المعتزلة على الأول ، والأشاعرة على الثاني ، واليه ذهب الشيخ أبو جعفر (ره) في كتاب الاقتصار ، والعلامة في بعض كتبه الكلامية ، وتوقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد .. ( إلى أن قال ) : والحق ما اختاره الشيخ (ره) ، كما يظهر من كثير من كتب الأخبار ، وأدعية الصحيفة الكاملة ، وغيرها ، ودليل الوجوب ضعيف ». ونحوه ما ذكره في البحار. أقول : الاستدلال بالأخبار والأدعية غير ظاهر في الأحكام العقلية. فالعمدة نفي الحكم العقلي ، إذ ليست التوبة عقلا إلا مرتبة من الانقياد والتذلل ليس من مقتضاها محو الاستحقاق ، كغيرها من الطاعات.
[١] الظاهر من التوبة : الرجوع ـ كما صرح به أهل اللغة ـ ويشهد به ملاحظة موارد الاستعمال ، منها : قوله تعالى ( وَإِلَيْهِ مَتابِ ) (١) فالتوبة إليه ـ سبحانه ـ معناها الرجوع اليه ، إلا أنه لما امتنع الرجوع الحقيقي كان المراد منها الرجوع الادعائي الحاصل بالندم ، فكأن العبد بفعل الذنب ذاهب عن الله تعالى ومنصرف عنه ، فاذا التفت إلى ما يترتب على فعله من الخسران والهلاك فندم عليه فقد رجع إلى الله تعالى. وفي رواية أبي بصير عن الصادق (ع) : « يا داود إن عبدي المؤمن إذا أذنب
__________________
(١) الرعد : ٣٠.