فقط ، أو المفسدة الملزمة راجحة على المصلحة الملزمة حتى يكون حراما فقط.
ولا يخفى ان المصلحة امّا ملزمة مكلفا على الفعل بحيث يجب استيفاءها فيكون الفعل حينئذ واجبا ، وامّا غير ملزمة له عليه بحيث لا يجب استيفاءها فيكون حينئذ مستحبّا راجحا فعله على تركه ؛ وان المفسدة امّا ملزمة مكلفا على الترك بحيث يجب الاجتناب عنها فيكون الشيء حينئذ حراما وامّا غير ملزمة له عليه بحيث لا يجب الاجتناب عنها فيكون حينئذ مكروها فاجتماع الضدّين لازم فيما أخطأ إذا كان في الواقع احكاما واقعية يشترك فيها العالم والجاهل ، وامّا إذا لم يكن في الواقع أحكاما غير مؤديات الامارات فيلزم حينئذ التصويب الذي أجمع العلماء على بطلانه. هذا هو المحذور الأوّل.
وامّا المحذور الثاني : فلأنّه يلزم من التعبّد بالامارات غير العلمية طلب الضدّين فيما إذا أخطأ الظن وأدّى إلى وجوب ضد الواجب مثلا إذا قام الخبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة وكان الواجب في الواقع صلاة الظهر ، أو قامت الامارة على وجوب التمام وكان الواجب في الواقع قصرا فيلزم حينئذ طلب الضدّين من المولى من شخص واحد في زمان فارد وفي آن واحد ، وهو محال عقلا بالضرورة ، إذ معنى جعل المولى حجية للامارة أمره بالعمل على طبقها وتصديق المخبر العادل بخبره.
وامّا المحذور الثالث : فلأنّه يلزم من التعبّد بها تفويت المصلحة على العباد فيما أدّى الظن إلى عدم وجوب ما هو واجب واقعا.
كما إذا قامت الامارة كخبر العدل ، أو الثقة على استحباب صلاة الجمعة مثلا ولكن كانت في الواقع واجبة ذات مصلحة ملزمة فإذا تعبّدنا الشارع المقدّس بالعمل على طبق الخبر المذكور ، فيلزم حينئذ تفويت المولى مصلحة الواجب على العباد ، وهو قبيح عنه جلّ وعلا.