الترخيص متأخّر عن العلم بالوجوب على الفرض والعلم بالوجوب متأخّر عن الوجوب من باب تأخّر العلم عن المعلوم ، والسرّ فيه ان المضادّة انّما هي في فعلية الحكمين في زمان واحد سواء كانا من حيث الجعل في مرتبة كجعل إيجاب الفعلي والحرمة الفعلية للشيء الواحد أم كانا في مرتبتين كجعل الوجوب للشيء ثم جعل ترخيص في تركه ، هذا أي خذ ذا أو الأمر كذا أو اعلم هذا.
وفي ضوء هذا : فانقدح ان الجمع الأوّل متين وراجح والثانيين متوسّطان والرابع فاسد ، كما ذكر وجهه آنفا.
هذا ، ولكن التحقيق في دفع الاشكال بأن يقال أن الأحكام الشرعية لا مضادة بينها ، إذ الحكم الشرعي ليس إلّا الاعتبار أي اعتبار شيء في ذمّة المكلّف من الفعل ، أو الترك كاعتبار الدين في ذمّة المديون شرعا وعرفا.
ومن الواضح عدم التنافي بين الامور الاعتبارية والفرضية ، وكذا لا تنافي بين ابرازها أي ابراز الأحكام بالألفاظ بأن يقول المولى افعل كذا ، أو لا تفعل كذا ، وهو ظاهر لا غبار عليه.
نعم يكون التنافي بين الأحكام الشرعية في موردين : المبدأ والمنتهى ، والمراد بالمبدإ علّة جعل الحكم من المصلحة والمفسدة كما عليه الامامية والمعتزلة.
والمراد من المنتهى مقام الامتثال ، امّا التنافي من حيث المبدأ فلأنّه يلزم من اجتماع الحكمين كالوجوب والحرمة مثلا ـ اجتماع المصلحة والمفسدة في المتعلّق بلا كسر وانكسار وهذا من قبيل اجتماع الضدّين ؛ وكذا الحال في اجتماع الترخيص مع الوجوب ، أو الحرمة فإنّه يلزم من وجود المصلحة الملزمة المستفادة من وجوبه عدم وجودها المستفاد من الترخيص في الترك في شيء واحد ، أو وجود المفسدة الملزمة المستفادة من حرمته عدم وجودها فيه المستفاد من الترخيص في الفعل ، وهذا من قبيل اجتماع النقيضين.