الوجه الثالث : ان جريان انسداد صغير في خصوص اللغات يستلزم حجية قول اللغوي ، فإنّ معاني الألفاظ مجهولة غالبا ، امّا أصلا وامّا سعة وضيقا ؛ ولذا ذكر شيخنا الأنصاري قدسسره في كتاب الطهارة ان مفهوم الماء مع كونه من ، أوضح المفاهيم العرفية ؛ وهو جسم لطيف سيّال بارد رطب بالطبع ، ولكن نشك فيه من حيث السعة والضيق كثيرا ، إذ نشك ان الماء الوحل ماء أم لا ، وان الماء المضاف ماء أم لا ، فلا بدّ من الرجوع حينئذ إلى قول اللغوي في تعيين مفهوم الماء وقوله حجّة عند العقلاء.
وفيه : ان انسداد باب العلم في اللغة ممّا لا يترتّب عليه أثر ، إذ مع انفتاح باب العلم في الأحكام لا وجه للرجوع إلى قول اللغوي سواء انسد باب العلم في اللغة ، أم انفتح باب العلم في اللغة ومع انسداد باب العلم في الأحكام وتمامية سائر المقدّمات للانسداد كان الظن بالحكم الشرعي حجّة سواء حصل الظنّ من قول اللغوي أم حصل من غيره ، وسواء كان باب العلم باللغة منفتحا أم كان منسدا ؛ امّا بيان انسداد الصغير وانسداد الكبير فسيأتي إن شاء الله تعالى في طي مبحث دليل الانسداد.
وامّا الاجماع الذي ادّعاه السيّد المرتضى قدسسره فهو على قسمين المحصّل والمنقول ؛ امّا المحصل منه فغير حاصل لكثرة علماء الأعلام وتفرّقهم في الأمصار المتعدّدة المتباعدة ، فلا يمكن لنا استيفاء آرائهم كي يتحقّق الاجماع المحصّل.
وامّا المنقول منه فليس بحجّة لعدم الدليل على حجيّته لا من العقل ولا من جهة الشرع ، كما سيأتي ، خصوصا في مثل هذه المسألة ، إذ يحتمل استناد المجمعين إلى دليل ومدرك فيها ، وهو الوجه الأوّل ، أو الوجه الثالث ، أو يحتمل احتمالا قريبا أن يكون وجه ذهاب الجلّ لو لا الكل هو اعتقاد انّه ممّا اتفق عليه العقلاء من الرجوع إلى أهل الخبرة في كلّ صنعة من الصنائع فيما اختص بها.
ولا ريب في ان هذه العبارة علقة لكثرة الضمائر وهي خمسة فيها ، ولذا