فإذا علم الفقيه من هذا العلم ان صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب للأدلّة التي اقيمت عليه ؛ وان ظهور القرآن الكريم حجّة استطاع أن يستنبط منها ان الصلاة واجبة والأدلّة التي اقيمت على حجية الظهور قد مرّت في بحث حجية الظواهر ، وهكذا كلّ حكم شرعي مستفاد من أي دليل شرعي ، أو عقلي ، وذلك كوجوب مقدّمة الواجب المطلق فلا محالة يتوقّف استنباطه من الدليل على مسألة ، أو أكثر من مسائل علم الاصول ، كما لا يخفى.
فإن قيل : بناء على ما اشتهر من ان الموضوع لعلم الاصول هو الأدلّة الأربعة : الكتاب المجيد ، والسنّة الشريفة ، والاجماع ، ودليل العقل.
وعليه : يشكل جعل مسألة حجية الخبر الواحد من مسائل علم الاصول إذ موضوعها هو الخبر الواحد ، وذلك كخبر زرارة بن أعين قدسسره وهو ليس من الأدلّة المذكورة.
امّا كونه ليس بكتاب ولا إجماع ولا العقل فواضح ؛ وامّا انّه ليس من السنّة الشريفة فلأنّ السنّة عبارة عن قول المعصوم عليهالسلام وفعله وتقريره وليس هو أحدها ، بل انّما هو حاك عن أحدها أي قوله عليهالسلام ، أو فعله ، أو تقريره والحاكي غير المحكي عنه.
ومن هنا يظهر أن ما تجشّمه صاحب الفصول قدسسره في دفع الاشكال الوارد على المشهور من ان البحث عن دليلية الدليل بحث عن حال الدليل وعن عوارضه ليس له مساس في دفع هذا الإشكال لأنّ البحث عن حجية الخبر الواحد وان كان بحثا عن دليلية الخبر لكنّه ليس بحثا عن دليلية أحد الأدلّة الأربعة بل هو بحث عن دليلية الحاكي للسنة ، وهذا واضح.
وعلى ضوء هذا فقد ظهر وجه كون قول صاحب الفصول قدسسره تجشّما ، إذ كون المسائل اصولية أن يبحث فيها عن أحوال الأدلّة الأربعة في فرض كون موضوع