ممنوعة لوجهين :
أحدهما : لزوم العقاب بلا بيان حينئذ ، وثانيهما : للنقض في الشبهات البدوية التي لا حجة فيها على التكليف الإلزامي. ومع هذا الوصف حسن الحذر فيها بلا وجوبه على المكلف ، فحسنه لا يدلّ على وجوبه لأنّه لازم الأعم وهو لا يدلّ على الملزوم الأخص واذا لم يكن الحذر واجبا فلم يكن الإنذار حجة ، وإذا لم يكن حجة فلم يجب قبوله ؛ وإذا لم يجب القبول فليس بحجة. فلا مانع من التفكيك بين حسن الحذر ووجوبه إذا لم تقم حجّة على التكليف ، فعدم الفصل بينهما ، أي بين حسن الحذر ووجوب الحذر لم يثبت. غاية الأمر عدم القول بالفصل ثابت في المقام ، وهو لا يدل على عدم الفصل بينهما ثبوتا وواقعا ، كما أنّ قول المستدلّ لوجوب الحذر مع وجود مقتضيه ممنوع بل لا ريب في حسنه مع وجود مقتضيه ، ولكن مع عدم وجوبه كما في جميع موارد الاحتياط في الشبهات البدوية التي يرجع فيها إلى أصالة البراءة عند الاصوليين (رض).
فالنتيجة أنّه لا ريب في ثبوت القول بالفصل بين حسن الحذر عقلا وبين وجوبه ، لما عرفت آنفا من حسن الاحتياط عندهم في الشبهات البدوية مع كون المرجع البراءة. هذا تمام الإشكال في الوجه الأوّل.
في بيان الإشكال على الوجهين
ويستشكل على الوجه الثاني والثالث بأنّا لو سلّمنا اقتضاء ما ذكر من التقريبين المذكورين لوجوب الحذر المترتب على الإنذار ، لكن لم يظهر من الآية الشريفة وجوب الحذر مطلقا أي سواء أفاد إنذار المنذر العلم للمنذر بالفتح أم لم يفده له ، بل المستفاد منها وجوب الحذر في الجملة أي كان وجوبه مختصا بصورة إفادة الإنذار العلم ، إذ يكفي ذلك في كون الحذر فائدة لوجوب الإنذار وعدم كونه