الحذر بعده راجع إلى جعل حجية فتواه واجتهاده.
وعلى ضوء هذا فالآية المباركة تدل على حجية فتوى المفتي لا على حجية أخبار الآحاد.
الاستدلال بآية الكتمان
قوله : ومنها آية الكتمان وهي قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(١) ...
وتقريب الاستدلال بها على المدعى بدعوى الملازمة عقلا بين حرمة كتمان البينات والهداية ووجوب العمل وإلّا لزم كون تحريم الكتمان لغوا ولذا حكموا بحجية إخبار المرأة عن كونها حاملا تمسكا بقوله تعالى : (أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ)(٢) ، إذ حرمة الكتمان تدل على وجوب قبول قولها ، وإلّا لزم كون تحريم الكتمان لغوا.
وفيه أنّه لا ملازمة عقلا بين حرمة الكتمان ووجوب القبول تعبدا في المقام إذ الموضوع لحرمة الكتمان عام استغراقي بمعنى حرمة الكتمان على كلّ أحد ، نظير أكرم كلّ العلماء أي أكرم كلّ واحد منهم فيحتمل احتمالا قويا أن يكون الوجه في حرمة الكتمان أن إخبار الجميع مما يوجب العلم كما في الخبر المتواتر والخبر الواحد المحفوف بالقرائن الواضحة. ولا يقاس المقام بحرمة الكتمان على النساء ، لأنّ طريق إحراز ما في الأرحام منحصر في إخبارهنّ ، والحال أنّ إخبار المرأة ممّا لا يفيد العلم غالبا ، فلو لم يكن إخبارها حجة تعبدا وقيدت بالعلم لكان تحريم
__________________
١ ـ سورة البقرة ، آية ١٥٩.
٢ ـ سورة البقرة ، آية ٢٢٨.