القائلين بالحجية في شرائطها وخصوصيتها ؛ وثانيا لو سلمنا اتفاق كافّة المسلمين على حجية خبر الواحد وعلى شرائطها ، ولكن هذا الإجماع لا يكشف عن رضا المعصوم عليهالسلام لم يحرز لنا أنّهم بما هم مسلمون يقولون بحجية أخبار الآحاد ، أو هم بما هم عقلاء يقولون بحجيتها ويتفقون عليها كما يتفق العقلاء بما هم عقلاء على العمل بأخبار الآحاد في امور عادياتهم ومعاشهم.
وعليه فيرجع هذا الوجه إلى ثالث الوجوه وهو دعوى استقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان السماوية وغيرهم على العمل بخبر الثقات واستمرت هذه السيرة من عصر الشارع المقدّس إلى زماننا هذا ولم يردع عن العمل بالخبر المذكور نبي من الأنبياء ولا وصي من الأوصياء ، عليهم صلوات الله الملك المنّان ، ضرورة أنّه لو كان المنع من قبلهم لاشتهر ولوصل إلينا. والحال أنّه لم يشتهر ولم يصل إلينا فثبت أنّ المنع لم يكن ثابتا أصلا ، إذ انتفاء الجزاء يدلّ على انتفاء الشرط ، أو بعبارة اخرى وهي انتفاء اللازم يدلّ على انتفاء الملزوم في القضايا الشرطية المتصلة اللزومية نظير قولك لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا ، وكذا مثل لو كان هذا الشيء إنسانا لكان حيوانا إذ انتفاء الحيوانية يدلّ على انتفاء الإنسانية ، إذ انتفاء الفساد يدلّ على انتفاء الآلهة غير الخالق العالم. فإذا ثبتت السيرة المستمرة على العمل بأخبار الموثقين في غير الشرعيات. فيكشف كشفا قطعيا عن رضا الشارع المقدّس بالعمل بخبر الثقة في الشرعيات أيضا كما أنّه كاشف عن رضا الشارع المقدّس في العاديات.
فإن قيل : من أين يحرز رضاه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها أي في الشرعيات أيضا قلنا إن الشارع المقدّس اعتمد في إيصال القوانين الإلهية إلى المكلفين ببناء العقلاء بما هم عقلاء ولم يخترع فيه طريقا آخر وإلّا يلزم أن لا يعمل بفرضه وهو مستحيل في حقّه عقلا لأنّه نقص والنقص محال في حقّه ، فهذا محال في حقّه.
فإن قيل : أنّه يحتمل أن يكون المانع موجودا له عنه مع قيام المقتضى له ، قلنا