قوله : ان قلت على هذا فلا فائدة في بعث الرّسل وإنزال الكتب ...
فإذا كان أفعال العباد مستندة إلى الإرادة : والإرادة مستندة إلى سوء السريرة وخبث الطينة وحسنها وطيبها وسوء السريرة وحسنها ذاتيان لا ينفكان عن الإنسان.
وعليه : فكل شخص لا بدّ أن يفعل في الخارج فعلا يكون لازم ذاته من الطاعة والعصيان والطغيان.
وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة في بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإرشاد والانذار أي إرشاد الأنبياء والأولياء عليهمالسلام وانذارهم.
والحال : ان العقل والشرع حاكمان بلزوم هذه الامور المذكورة.
قوله : قلت ذلك لينتفع به من حسنت سريرته وطابت طينته لتكمل به نفسه ويخلص مع ربّه أنسه ...
أجاب المصنّف قدسسره عنه بأن في بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإنذار فائدتين :
الاولى : انتفاع من حسنت سريرته وطابت طينته لتكمل بسبب هذه الامور نفسه ويخلص مع ربه انسه ، كما ورد في المأثور : جلوس خمسين نبيّا تحت موعظة لقمان الحكيم عليهالسلام ، وما هذا إلّا للانتفاع (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(١).
الثانية : اتمام الحجّة على من سائت سريرته وخبثت طينته ، ولأجل هذا نسبت الهداية إلى الله تعالى في الآية الشريفة وهي قوله تعالى : (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ)(٢) ففائدة البعث والانزال اتمام الحجّة على هؤلاء الأشخاص الذين كانوا متجرءين عاصين ، لا هدايتهم لأنّ الهداية بمعنى الايصال إلى المطلوب
__________________
١ ـ سورة الأنفال ، آية ٨.
٢ ـ سورة الأعراف الآية ٧.