حكم الوجدان ، وبعد دلالة الوجدان السليم على استحقاق المتجري للعقاب ، وعليه فإذا كان الاستحقاق للعقاب من الوجدانيات فلا حاجة إلى تجشّم الاستدلال وإقامة البرهان ، كما لا يخفى هذا.
قوله : مع بطلانه وفساده ، إذ للخصم أن يقول بأن استحقاق العاصي ...
هذا مضافا إلى بطلان هذا البرهان الرباعي ، إذ يمكن للخصم أن يقول إن وجه استحقاق العاصي الحقيقي صدور علّته منه عالما وعامدا ، وهي شرب الخمر واقعا مثلا ، فإذا وجدت العلّة فوجد المعلول ، وإذا تحقّق السبب فقد تحقّق المسبّب ، امّا بخلاف المتجرّي فلا يتحقّق منه سبب الاستحقاق ؛ ولا تصدر عنه علّته ، ولو بلا اختيار.
ومن الواضح : ان المعلول فقد إذا فقدت العلّة وان كان فقدان العلّة لا عن اختيار وبلا اختيار وهو عبارة عن عدم مطابقة قطعه للواقع وعن عدم مصادفة قطعه الواقع.
ولا ريب في ان مصادفة القطع الواقع ، كما في العاصي ، وعدم مصادفته إيّاه ، كما في المتجرّي ، أمران خارجان عن تحت قدرة المكلّف واختياره فالعاصي اتى بالعمل المبغوض عالما عامدا بلا إكراه واضطرار ، ولهذا يستحق العقاب واللوم والذم بلا إشكال.
وامّا المتجري فلم يأت بالعمل المبغوض لدى المولى لأنّه إذا قطع ان هذا المائع خمر وشرب وكان في الواقع ماء ، ولا ريب في انّه لم يأت بشرب المحرم المبغوض واقعا والقطع لا يصلح ان يصير غير المبغوض واقعا مبغوضا واقعا فلم يفعل المتجري عملا مبغوضا بل لا يصدر منه في بعض الصور عمل اختياري كي يستحق العقاب عليه لأنّه قطع بكون هذا المائع الخارجي خمرا وشربه حال كون هذا الشرب في الواقع شرب ماء لا شرب الخمر فيكون هذا الشرب من باب ما وقع