وأما بيان المثال الثاني : فكما إذا حصل الظن بالحكم الشرعي من الخبر الواحد والاجماع والشهرة مثلا.
والتفصيل : هو إذا كانت الظنون الحاصلة من الأسباب المتعددة متفاوتة من حيث الاعتبار باليقين ، أو الظن فقد كان المتيقن اعتباره حجة ، وذلك كالظن الحاصل من الخبر الموثق الامامي مثلا ، دون غيره لأن الواصل حينئذ إلى المكلف هو معلوم الاعتبار ومتيقن الحجة إذا كان وافيا بمعظم الأحكام الفقهية وإلّا يتعدى منه إلى غيره من مظنون الاعتبار.
وأما إذا كان التفاوت في طبيعة الظن وفي نفسه بأن يكون بعض الظنون مظنون الاعتبار ، وذلك كالظن الحاصل من الخبر الحسن الذي يكون راويه إماميا ممدوحا مثلا ، وبعضها يكون مشكوك الاعتبار كالظن الحاصل من الاجماع المنقول أو الشهرة الفتوائية.
وبعضها متيقن الاعتبار ومعلوم الحجية نحو الظن الحاصل من الخبر الصحيح الاعلائي فلا بد حينئذ في تعيين الحجة منها إلى إجراء مقدمات الانسداد بأن يقال : إن باب العلم وباب العلمي بالنسبة إلى الطرق المنصوبة شرعا منسدان وإهمال الطرق لا يجوز ، إذ إهمالها مستلزم لاهمال التكاليف والأحكام وإهمالها لا يجوز قطعا إلى يوم الدين والقيامة.
فالنتيجة : إهمال الطرق لا يجوز إلى ظهور شمس الهداية (عج) والاحتياط التام في التكاليف غير واجب على المكلف لاستلزامه العسر الشديد والحرج الأكيد بل لا يجوز الاحتياط التام في جميع موارد التكاليف لاستلزامه اختلال نظام معاش الانسان بل اختلال نظام معاش الحيوانات بل اختلال نظام النباتات.
وفي ضوء هذا : فيدور الأمر حينئذ بين العمل بمظنون النصب وبين العمل بمشكوك النصب ، أو موهوم النصب ولا ريب في إن العقل يحكم بترجيح مظنون