الخارجي خمر وشربه بهذا الاعتقاد لأجل تجرّيه على مولاه ثم انكشف انّه لم يكن خمرا بل كان ماء واقعا فلم يصدر من المتجري فعل اختياري فإنّ شرب الماء لم يقصده والخمر لم يشربه فتحقّق قانون ما وقع لم يقصد وما قصد لم يوقع. ففعل الاختياري لا بدّ أن يصدر عن المكلّف عن إرادة وقصد.
نعم في الشبهات الحكمية يصدر من المتجري فعل اختياري ؛ مثلا إذا اعتقد ان العصير الزبيبي حرام شرعا وشربه ثم انكشف انّه ليس بحرام شرعا فقد صدر منه فعل اختياري ، إذ هو قصد شرب العصير المذكور ، وشربه بالإرادة والاختيار بدون الإكراه والاضطرار إلّا أنّه أخطأ في اعتقاد حرمته.
فالتجري إذا كان في الشبهة الموضوعية فلم يصدر من المتجري فعل اختياري كما في المثال المذكور آنفا.
وإذا كان في الشبهة الحكمية فقد صدر منه فعل اختياري ، كما في مثال العصير ، فالمراد من بعض أفراده هو الشبهة الموضوعية لا الشبهة الحكمية ولا الشبهة مطلقا أي سواء كانت حكمية أم كانت موضوعية.
وامّا بيان الفرق بين الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية ، فإن رفع الشبهة في الاولى بيد الشارع المقدّس ، وفي الثانية بيد أهل العرف إذا كان من أهل الخبرة.
قوله : ثم لا يذهب عليك انّه ليس في المعصية الحقيقية إلّا منشأ واحد ...
فإذا قلنا بأن المتجرّي يستحق العقاب من جهة نيّة العصيان وقصد الطغيان ؛ فيلزم أن يكون في المعصية الحقيقية تعدّد العقاب لأنّ العاصي قصد العصيان ؛ وفعل مبغوض المولى أحد العقابين على نيّة المعصية.
والآخر على فعل المبغوض فيتعدّد السبب وتعدّده يستلزم تعدّد المسبب فلا بدّ أن نلتزم فيها بالعقابين.
قال صاحب الفصول في الفصول : ونلتزم فيها باستحقاق العقابين ، ولكن نقول