بتداخلهما فيصيران عقابا واحدا ، مثلا : إذا ارتكب زيد قتل بكر عمدا فيجب قتله قصاصا ، ولكن ارتد هذا القاتل في هذا الزمان فارتكب قتل العمدي ؛ والارتداد الفطري سواء ارتكبهما في زمان واحد أم ارتكبهما في زمانين فيجب قتله مرّتين : مرّة للقتل العمدي ، ومرّة اخرى للارتداد الفطري.
ولكن لما كان القتل غير قابل للتكرّر في الخارج فلا محيص عن القول بالتداخل في هذا المقام ، امّا بخلاف الغسل فإنّه قابل للتكرّر في الخارج فإذا تعدّد سببه من الجنابة والمس مثلا فعلى القاعدة يتعدّد المسبب فيه إلّا إذا دلّ النص المعتبر على التداخل ، كما هو الأمر كذلك.
في جواب المصنّف عنه
أجاب المصنّف قدسسره بأن استحقاق العاصي عقابين يستلزم محذورين :
الأوّل : ان الاستحقاق المذكور مردود من وجهين : عقلا وواقعا.
امّا من جهة الواقع فبديهي فساد التعدّد ، إذ ليس في المعصية الواحدة وفي الهتك الواحد إلّا عقاب واحد واقعا ؛ وامّا عقلا فلأنّ الفرد العاصي لم يرتكب إلّا هتكا واحدا كما صدر من الفرد المتجري هتك واحد.
غاية الأمر : الفرق بين الهتكين من حيث الشدّة والضعف ، إذ هتك العاصي شديد ، وهتك المتجري ضعيف ، وهذا واضح.
وهذا الفرق المذكور غير مسألة تعدّد العقاب ، هذا أوّلا.
وثانيا : لو كان تعدّد العقاب في العاصي موجودا لما كان السبب للتداخل ، كما في الفصول ، امّا التداخل في نحو القتل فلأن قتل شخص لا يمكن مرّتين ، فلهذا قال الفقهاء قدسسرهم به بخلاف ما نحن فيه ، إذ لا مانع عقلا من تعدّد العقاب بلا التداخل ، كما لا يخفى فإذا كان السبب واحدا كان المسبب ، وهو العقاب ، واحدا.