فإن قيل : لم يؤدي الاجتهاد والنظر إلى الجهالة تارة إذا لم يدرك الواقع أصلا وإلى الضلالة اخرى إذا أدرك خلاف الواقع وإلى الهداية ثالثة إذا أدرك الواقع على ما هو عليه ، قلنا لأن المجتهد غالبا يكون بصدد إثبات ما وجد آبائه عليه بأنه الحق المطابق للواقع وليس ثابتا بصدد الحق كي لا يؤدي اجتهاده إلى الجهالة تارة وإلى الضلالة اخرى ، إذ من الممكن أن لا يدرك آبائه الواقع أو يدركوا خلافه.
وفي ضوء هذا : فيكون الناظر مقصرا في اجتهاده ونظره ومؤاخذا إذا أخطأ في اجتهاده على قطعه لكونه جهلا مركبا.
توضيح ذلك : إن القطع اما يكون مطابقا للواقع وإما يكون مخالفا له.
فعلى الأول : يسمى القطع يقينا ، وعلى الثاني : يسمى جهلا مركبا ، هذا معيار الفرق بين اليقين والجهل المركب ، فبالنتيجة مؤاخذته على عدم إصابة الواقع بسبب تقصيره في طلب الحق والواقع مما لا إشكال فيه.
الظن في الامور الاعتقادية
قوله : ثم لا استقلال للعقل لوجوب تحصيل الظن مع اليأس عن تحصيل العلم ...
زعم المتوهم وجوب تحصيل الظن في الاصول الاعتقادية مع اليأس عن تحصيل العلم فيما يجب فيه تحصيله عقلا مهما أمكن العلم ، وذلك كالمعاد الجسماني مثلا ، بمناط كون الظن أقرب إلى الواقع من الشك والوهم فهو كالعلم من ناحية المناط.
أما المصنف فقال في الموارد التي يجب فيها تحصيل العلم عقلا في صورة الامكان فإذا عجز المكلف عن تحصيله فالعقل لا يحكم بتحصيل الظن في الاصول الاعتقادية لو لم نقل باستقلال العقل بعدم وجوب تحصيل الظن بل يحكم العقل