الآخر ولا ريب في أن الظن بالصدور من جملة المرجحات فالمرجحات المنصوصة وغير المنصوصة تفيدان كلتاهما الظن بالصدور فهما شريكان في المناط والملاك ولأجل هذا يجوز التعدي منها إلى غيرها فإذا كان الظن الانسدادي موافقا بأحدهما فهذا الظن موجب للظن بصدور الموافق له ، وهي عبارة عن الشهرة بين الأصحاب رضي الله عنهم ، بمعنى إن أكثرهم نقلوه في كتبهم والمخالفة للعامة والموافقة للكتاب الكريم ، والسنة الشريفة ، والأعدلية ، والأصدقية ، والأفقهية ، والأورعية ، والأفصحية ، وغيرها. ويأتي تفصيلها في بحث التعادل والتراجيح إن شاء الله تعالى.
الثاني : أن مقدمات الانسداد جارية في الأحكام الفرعية الكلية ، وهي توجب الترجيح بالظن غير المعتبر ، إذ نتيجتها على تقدير تسليمها حجية الظن مطلقا أي سواء كان متعلق الظن حكما فرعيا أم كان ترجيحا أم كان حجة أجاب المصنف قدسسره عنه بأن الظن الانسدادي يكون حجة إذا تعلق بالحكم الشرعي سواء كان إلزاميا كالوجوب والحرمة أم كان غير إلزامي كالندب والكراهة ، أو تعلق بالطريق إلى الحكم الشرعي وذلك كالظن بحجية الاجماع المنقول مثلا والظن بالترجيح خارج عن الحكم الشرعي وعن الطريق إلى الحكم الشرعي.
وبالجملة : فمقدمات الانسداد على تقدير تماميتها لا توجب حجية الترجيح بالظن ما لم توجب الظن بالحكم ، أو الطريق ، إلّا أن يوجب الظن غير المعتبر ظنا بالحكم ، أو ظنا بالحجية مثلا إذا توافق أحد الخبرين المتعارضين مع هذا الظن فهذا التوافق يوجب الظن بحجيته فيندرج في تحت الظن بالطريق كما هو نتيجة دليل الانسداد على قول ، فالظن بالترجيح إنصافا لا يقصر عن الظن بالحكم الشرعي الناشي من قول اللغوي في استلزامه للحجية.
وحاصل الكلام : إن الخبرين إذا تعارضا فلا يمكن لنا أن نرجح أحدهما على الآخر من حيث السند بمجرد توافقه مع الظن غير المعتبر ، نحو الظن الانسدادي ،