المصنف قدسسره الاصول العملية بأنها هي التي ينتهي إليها المجتهد في مقام الاستنباط بعد الفحص عن الدليل الاجتهادي على الحكم الشرعي وبعد اليأس عن الظفر بدليل معتبر عليه ، وهي ـ أي الاصول العملية ـ عبارة عن الاصول العقلية التي يحكم بها العقل ، وتلك كالبراءة العقلية ، والتخيير العقلي ، والاشتغال العقلي ، وعن الاصول الشرعية التي يحكم بها الشرع ، كالبراءة الشرعية والتخيير الشرعي والاستصحاب ، أو التي يحكم بها عموم النقل مثل الناس في سعة ما لا يعلمون ومثل رفع ما لا يعلمون والما الموصولة من ألفاظ العموم وهو يشمل بعمومه الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية سواء كان منشأ الشبهة في الحكمية فقد النص ، أو إجماله ، أو تعارض النصين أم كانت وجوبية أم كانت تحريمية ، فهي كثيرة ، ولكن المهم منها أربعة وهي البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب. وهي مشهورة لجريانها في تمام أبواب الفقه ، اما بخلاف سائر الاصول فانه مختص بباب دون باب وعليه فليس الاصول منحصرة بالأربعة.
وأما أصالة العدم وأصالة عدم الدليل دليل على العدم وأصالة الحلية وأصالة الطهارة وأصالة الاباحة وغيرها من أصالة الصحة وأصالة الخطر وو ، فترجع الاولى منها إلى الاستصحاب والثالثة منها إلى البراءة والباقية من الأمارات لا الاصول العملية.
فإن قيل : إن الاصول العملية التي ينتهي إليها الفقيه في مقام العمل ليست بمنحصرة في الأربعة المذكورة لأنها كثيرة كما ذكرت سابقا فلم لم يتعرضوها في كتبهم الاصولية ومباحثهم القيمة.
قلنا عدم تعرضهم لها وحصرها في الأربعة لوجهين :
الأوّل : مربوط بالحصر ، وهو جريان الأربعة في جميع أبواب الفقه الشريف من الطهارة إلى الديات اما بخلاف غيرها فإنه مختص بباب دون باب مثلا قاعدة