أم كان لأجل تعارض النص إذا لم يثبت الترجيح من حيث السند والصدور ومن حيث الدلالة والظهور بين النصين المتعارضين بناء على التوقف في مسألة تعارض النصين ، وعلى هذا المبنى تجري البراءة وأما بناء على التخيير بينهما كما هو المشهور كما سيأتي تفصيل هذا إن شاء الله تعالى في بحث التعادل والتراجيح.
فلا مجال حينئذ لأصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا لوجود الحجة المعتبرة على الحكم الالزامي وهي عبارة عن أحد النصين ذي مرجح سندا ، أو دلالة ، كما لا يخفى.
وكذا لا مجال للاستصحاب حينئذ حرفا بحرف وليعلم إن في مورد التعارض قولين أحدهما هو التوقف بحيث إذا تعارضا تساقطا ولا يعمل بأحدهما لا بهذا ولا بذاك بل يرجع إلى أصل من الاصول العملية على حسب اختلاف الموارد.
وثانيهما : هو التخيير البدوي ، أو الاستمراري بينهما ، وهذا هو المشهور عند الأصحاب رضي الله عنهم ، وعلى هذا المبنى لا تجري البراءة أصلا لوجود الدليل الاجتهادي ، وهو أحد النصين المتعارضين يكون ذا ترجيح في البين.
أدلة البراءة
وقد استدل الاصوليون رضي الله عنهم ، على البراءة العقلية والنقلية في الشبهة الحكمية التحريمية والوجوبية بالأدلة الأربعة وهي العقل ، والآيات ، والسنة ، والاجماع ، أما الكتاب الكريم فبآيات قدّم المصنف قدسسره الكتاب الكريم أي الاستدلال به على غيره لشرافته والاشرف مقدم على غيره.
أما الآيات المباركات ، فمنها قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) أي لا يكلف الله تعالى نفسا إلّا بالحكم الواقعي الذي أعلم الله تعالى بتوسط إرسال الرسل وإنزال الكتب نفسا ، فالاعلام لا يصدق في الحكم الذي لا ينصب أمارة عليه.